اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 258
و في إثبات حدود الآدميين، أمّا حدود اللّه سبحانه فلا، (1) و في عقد السبق و الرماية و العتق و الكتابة و التدبير و في الدعوى و في إثبات الحجج و الحقوق.
الزنا. و المراد استيفاؤها بعد ثبوتها عند الحاكم بمعنى مباشرتها أو تحصيلها. و لا فرق في ذلك بين حضور المستحقّ و غيبته. و نبّه بقوله: «مطلقا» على خلاف بعض العامة [1] المانع من التوكيل في استيفاء حدود الآدميّين في غيبة المستحقّ، لأنه لا يتيقّن بقاء الاستحقاق لجواز العفو، و لأنه ربما رقّ قلبه بحضوره فيعفو. و يضعّف بأنّ الأصل البقاء، و الاحتمال لا أثر له مع حضوره و لا ينهض مانعا، لأنّ الغرض استحقاقه الآن و مطالبته به نيابة [2].
قوله: «و في إثبات حدود الآدميين، أما حدود اللّه سبحانه فلا».
(1) هكذا أطلق المصنف و العلامة في غير التذكرة [3]. و وجه المنع في حدود اللّه أنها مبنيّة على التخفيف، و لأمره (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم)[4] بإدرائها بالشبهات، و التوكيل توصّل إلى إثباتها. و الأقوى جوازه، لأن جواز الاستنابة في الأحكام على العموم يدخل الحدود فمع التخصيص أولى، و قد روي أن النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) وكّل أنيسا في إثبات الحدّ و استيفائه جميعا، و قال: «فإن اعترفت فارجمها» [5]. و هذا يدلّ على أنه لم يكن قد ثبت. و الأمر بإدرائها بالشبهات لا ينافي جواز التوكيل، لأن للوكيل أن يدرأها بالشبهة.