اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 5 صفحة : 243
..........
فسرّ به في التذكرة سابقا [1] في القبول الفعلي من أنه الرغبة في الفعل و الرضا به لا مجرّد الفعل، و إلا لكان إباحة محضة و إذنا خالصا، و هو لا يبطل بردّه، فإن من أذن لغيره في تناول طعامه أو أخذ شيء من ماله فلم يقبل ذلك لا يبطل الإذن له، بل يجوز له التصرّف بعد ذلك، لأن المسوّغ و هو إذن المالك موجود، و القبول إذا لم يكن شرطا في الإباحة لم يكن ردّها مانعا.
و لا فرق في بطلان وكالته بعزله نفسه بين إعلام الموكّل و عدمه، بخلاف عزل الموكّل له كما سيأتي [2]. و الفارق النصّ [3]. فعلى هذا لو تصرّف بعد عزله نفسه و قبل أن يعلم الموكّل بذلك لم ينفذ تصرّفه، لإبطاله العقد الجائز الذي هو مناط جواز التصرّف.
و يحتمل توقّف انعزاله على علم الموكّل، فيجوز له التصرّف قبل بلوغه عملا بالإذن العامّ الذي تضمّنته الوكالة، بل يحتمل ذلك مع بلوغه أيضا، لأصالة بقاء الإذن، و مجرّد علمه بالردّ لا يدلّ على بطلانه من قبل الآذن. و لو اكتفينا في قبول الوكيل بفعله مقتضاها كيف كان قوي هذا الاحتمال جدّا، لأنها تصير حينئذ مجرد إذن و إباحة، و يجوز مع ذلك إطلاق العقد عليها من حيث إن قبولها بالقول يصحّ، و يترتّب عليه أثر في الجملة. و بهذا الاحتمال قطع في القواعد [4] مع جهل الموكّل بالردّ، و استشكل مع علمه. و ليس ببعيد.
و يمكن الجمع بين كونها عقدا جائزا يبطل بالردّ و عدم بطلان التصرّف بالردّ، بأن يحكم ببطلان الوكالة الخاصّة و ما يترتّب عليها من الجعل لو كان، و بقاء الإذن العامّ.