اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 4 صفحة : 285
أمّا لو انهدم، لم يعد الطرح إلّا بإذن مستأنف. و فيه قول آخر. (1)
أنّ الإذن إنّما أفادت العارية، و لازمها الرجوع متى أراد، مع أصالة براءة ذمّة المالك من ثبوت مال لغيره على تخليص ملكه منه، بل أصالة البراءة مطلقا. و أنّه بناء محترم صدر بالإذن فلا يجوز قلعه إلّا بعد ضمان نقصه [1]. و لأنّ فيه جمعا بين الحقّين. و لأنّه سبب الإتلاف لإذنه، و المباشر ضعيف، لأنّه بالأمر الشرعيّ. و هو أقوى.
الثالث: على تقدير ثبوت الأرش فهل هو عوض ما نقصت آلات الواضع بالهدم، أو تفاوت ما بين العامر و الخراب؟ وجهان مبناهما على أنّ البناء إذا كان محترما فهو بهيئته حقّ لبانيه، فيكون جبره بتفاوت ما بين كونه عامرا و خرابا، لأنّ ذلك هو نقص الماليّة، و من أنّ نقص هذه الماليّة مستند إلى ملك صاحب الجدار فلا يضمنه، إنّما يضمن نقصان مال الغير الذي كان سبب إتلافه و فواته. و الأوّل أقوى، لأنّ جميعه مال للواضع، غايته كونه موضوعا على ملك الغير، و ذلك إنّما أثّر جواز النقض لا المشاركة في الماليّة. و لو اتّفقا على إبقائه بالأجرة فلا إشكال في جوازه.
قوله: «أمّا لو انهدم- إلى قوله- و فيه قول آخر».
(1) القول الآخر للشيخ في المبسوط [2]، و هو أنّه إن أعاده بآلته الأولى لم يكن له منعه من ردّ الخشب و السقف عليه، و إن أعاده بغيرها كان له منعه. و الأقوى الأوّل، لأنّ المأذون فيه و هو الوضع قد حصل، فلا يجوز وضع آخر بدون الإذن. و لأنّها عارية فيجوز الرجوع فيها و إن استلزم الضرر كما مرّ، فهنا أولى، غايته أنّه مع الضرر جبر بالأرش، و هنا لا ضرر فلا أرش.
و كثير من الأصحاب لم يذكروا هنا خلافا، و يمكن أن يكون سببه أنّ الشيخ كان ذكر أوّلا في الكتاب [3] أنّه لو انهدم الحائط أو هدمه المستعير لم يكن له الإعادة إلّا بإذن مستأنف، و لم يتردّد في ذلك، فأطرحوا قوله الآخر، و هو قول لبعض الشافعيّة [4]، كما أنّ القول [5] الآخر لهم، فجمع الشيخ بين الحكمين المختلفين عن