اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 4 صفحة : 215
و يصحّ أن يحيل على من ليس عليه دين، لكن يكون ذلك بالضمان أشبه. (1)
أم لا، لدلالة التحوّل عليه. و هو المشهور. و خالف فيه الشيخ [1] و جماعة [2]، استنادا إلى حسنة زرارة عن الباقرين (عليهما السلام) في الرجل يحيل الرجل بمال كان له على رجل، فيقول له الذي احتال: برئت ممّا لي عليك قال: «إذا أبرأه فليس له أن يرجع عليه، و إن لم يبرأه فله أن يرجع على الذي أحاله [3]».
و حملت الرواية على ما إذا ظهر إعسار المحال عليه حال الحوالة مع جهل المحتال بحاله، فإنّ له الرجوع على المحيل إذا لم يبرأ. و على ما إذا شرط المحيل البراءة، فإنّه يستفيد بذلك عدم الرجوع لو ظهر إفلاس المحال عليه. و هو حمل بعيد. و على أنّ الإبراء كناية عن قبول المحتال الحوالة، فمعنى قوله: «برئت ممّا لي عليك» أنّي رضيت بالحوالة الموجبة للتحويل فبرئت أنت، فكني عن الملزوم باللازم.
و هكذا القول في قوله: «و لو لم يبرأه فله أن يرجع» لأنّ العقد بدون رضاه غير لازم، فله أن يرجع فيه.
قوله: «و يصحّ أن يحيل- إلى قوله- بالضمان أشبه».
(1) هذا هو الأقوى، لأصالة الصحّة، و عدم الاشتراط. و للشيخ ((رحمه اللّه)) قول بالمنع [4]، و آخر بالصّحة [5]. و مبنى القولين على أنّ الحوالة هل هي استيفاء أو اعتياض؟ فعلى الأوّل يصحّ دون الثاني، لأنّه ليس على المحال عليه شيء يجعل عوضا عن حقّ المحتال. و إنّما كان أشبه بالضمان لاقتضائه نقل المال من ذمّة مشغولة إلى ذمّة بريّة، فكأن المحال عليه بقبوله ضامن لدين المحتال على المحيل. و لكنّه بهذا