responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني    الجزء : 2  صفحة : 374

..........


و أنكر ابن إدريس الإجبار هنا محتجا بأنّ الزيارة مندوبة، و لا شيء من المندوب يجبر على فعله [1]. و كلية الكبرى ممنوعة، فإنّ المندوب إذا آذن بالاستهانة يجبر على فعله. و قد اتفقوا على إجبار أهل البلد على الأذان، بل على قتالهم إذا أطبقوا على تركه.

نعم يبقى في استدلال الجماعة بحث، من حيث إنّ ترك زيارته إذا كان يتضمن الجفاء يقتضي التحريم، فيجب الزيارة من حيث انّها دافعة للجفاء، فيتحقق الإجبار على تركها بغير إشكال، إلّا أنّ ذلك يستلزم القول بوجوبها، و هم لا يقولون به. فاللازم حينئذ أحد الأمرين: إمّا القول بوجوبها، أو ترك التعليل بالجفاء.

و أيضا فالعمل بظاهر الحديث يقتضي إجبار كلّ حاج ترك زيارة النبي (صلى الله عليه و آله و سلم)، لأنّ «من» من صيغ العموم، فيشمل كلّ فرد فرد من أفراد الحاج، و مدّعاهم هو إجبار الجميع لو تركوها، لا إجبار مطلق التارك مع قيام غيره بها. و على تقدير خروج بعض الأفراد بدليل خارجي- كمن تعذّر عليه زيارته- يبقى العامّ حجة على الباقي.

و بهذا يندفع ما ذكره بعضهم من أنّ قوله: «من حجّ» ليس كلّيا، بل هو مهملة في قوّة الجزئية، فلا يصدق «كلّ من ترك زيارته فقد جفاه»، فانّ خروج بعض الأفراد لعارض لا يمنع الكلّية، كغيرها من صيغ العموم الواردة في الأحكام الشرعية، فإنّه- كما اشتهر- ما من عامّ إلّا و قد خصّ الّا ما استثني، و مع ذلك لا يمنع عمومه و دلالته على حكم الباقي.

و الأولى في الجواب ما تقدّم من استلزام ترك الجميع زيارته- (صلى الله عليه و آله و سلم)- التهاون بأعظم السنن و أجلّها، فيجبرون عليها الى أن يقوموا بما يدفع ذلك.

و الجبر- و ان كان عقابا- لا يدل على الوجوب، لأنّه دنيويّ، و انّما يستحق بترك الواجب العقاب الأخروي على وجه.


[1] السرائر 1: 647.

اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني    الجزء : 2  صفحة : 374
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست