اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 2 صفحة : 20
..........
اختياره، كما لو قهره قاهر بضرب شديد أو تخويف عظيم حتى لم يملك أمره و لم يكن له بد من الفعل فلا قضاء أيضا، و إن لم يبلغ ذلك الحد بأن توعده بفعل لا يليق بحاله و يعد ضررا لمثله من ضرب أو شتم و نحوهما، و شهدت القرائن بإيقاعه له إن لم يفعل، إلا ان اختياره لم يذهب، و قصده لم يرتفع، ففي فساد صومه حينئذ قولان:
أحدهما إلحاقه بالأول لقوله (صلى الله عليه و آله و سلم): «رفع عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه» [1]. و المراد رفع حكمها، و من جملته القضاء، و لسقوط الكفارة عنه و هي من جملة احكامه.
و أصحهما وجوب القضاء و إن ساغ له الفعل، لصدق تناول المفطر عليه باختياره. و قد تقرر في الأصول أن المراد برفع الخطأ و قسيميه في الحديث رفع المؤاخذة عليها لا رفع جميع أحكامها. و مثله الإفطار في يوم يجب صومه للتقية أو التناول قبل الغروب لها.
و قيد الشهيد في الدروس جواز الإفطار لها بخوف التلف [2]. و كأنه نظر إلى ظاهر الخبر عن الصادق (عليه السلام) مع السفاح حيث أفطر معه أول يوم من رمضان، و قال لأصحابه: «لأن أفطر يوما من رمضان أحب إليّ من أن يضرب عنقي و لا يعبد اللّه» [3]. و الظاهر الاكتفاء بمطلق الضرر كما في غيره من مواردها، و لخلو هذا القيد من بعض الروايات [4]، و في بعضها «لأن أفطر يوما من شهر رمضان و أقضيه» [5]، و هو نص على القضاء فيكون كذلك في الإكراه كما اخترناه. و حيث ساغ الإفطار للإكراه و التقية يجب الاقتصار على ما يندفع به الحاجة، فلو زاد عليه كفّر.
[1] الكافي 2: 462 باب ما رفع عن الأمة، الفقيه 1: 36 ح 132 الوسائل 11: 295 ب «56» من أبواب جهاد النفس.