اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 2 صفحة : 134
و لو وهب له مال لم يجب عليه قبوله (1).
قوله: «و لو وهب له مال لم يجب قبوله».
(1) لانّ قبول الهبة نوع من الاكتساب، و هو غير واجب للحج، لانّ وجوبه مشروط بوجود الاستطاعة، فلا يجب تحصيل شرطه، بخلاف الواجب المطلق. و من هنا ظهر الفرق بين البذل و الهبة فإنّ البذل يكفي فيه نفس الإيقاع في حصول القدرة و التمكن فيجب بمجرّده. و يظهر من الدروس انّ من حجّ في نفقة غيره أجزأه عن حجّة الإسلام بغير خلاف بخلاف ما لو تسكّع [1]. و فيه دلالة على الوجوب بمجرّد البذل لانّ الاجزاء فرع الوجوب.
بقي في المسألة بحث، و هو أنّه قد علم من عدم وجوب قبول الهبة و نحوها من أنواع الاكتسابات انّ وجوب الحج مشروط. و تقدّم في المسائل السابقة وجوب تحصيل جملة من الشرائط كالزاد و الراحلة و الآلات عند وجود الثمن، و تحصيل المعين للعاجز، و مثله الرحم للمرأة حيث يحتاج اليه، و وجوب ذلك لا يتم إلّا إذا كان الوجوب مطلقا ليجب تحصيل شرطه، و ظاهر ذلك التدافع.
و دفعه بانّ موضوع الوجوبين متغاير، فمحل الأوّل نفس الشرط أعني الاستطاعة و نحوها، و محلّ الثاني متعلق الاستطاعة و هو نفس الزاد و الراحلة. و غاية ما يلزم انّ الشيء الواحد قد يكون وجوبه مطلقا من وجه مشروطا من آخر، فالحج مثلا بالنظر الى الاستطاعة مشروط فكلّ ما يكون داخلا في مسمّاها لا يجب تحصيله، و لا يجب الحج إلّا إذا حصل، و بعد حصولها مع باقي الشرائط يصير الوجوب مطلقا، فيجب تحصيل ما يتوقف عليه من الآلات و الزاد و الراحلة و الاقتراض و نحوها.
و فرّق بعضهم [2] بين الأمرين بأنّ شرط الواجب المشروط الذي لا يجب تحصيله هو الذي قرن به الأمر، امّا غيره من الشروط الباقية فإنّ الأمر بالإضافة إليها