اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 15 صفحة : 308
..........
إحداها: أن تقف و لا تتعدّى محلّها و تندمل، فلا قصاص و لا دية، لأن المستحقّ أسقط الحقّ بعد ثبوته فيسقط. و هو اتّفاق. و وافق عليه أكثر العامّة [1].
و خالف فيه بعضهم [2] فأوجب الدية، بناء على أن استقرار الجناية باندمالها، فلا يعتبر العفو قبل الاستقرار.
و لا فرق في هذه الحالة بين أن يقتصر على قوله: عفوت عن موجبها، و بين أن يزيد فيقول: و عمّا يحدث منها، فإنه لم يحدث منها شيء.
و لو قال: عفوت عن هذه الجناية و لم يزد، فهو عفو عن القود، لأنه موجب الجناية عمدا، و يترتّب عليه سقوط الدية أيضا، لأنها لا تثبت إلا صلحا، بناء على أنه الواجب بالأصالة. و من قال إن موجب العمد أحد الأمرين له في بقاء الدية وجهان. و على خلاف نبّه المصنف- (رحمه اللّه)- بقوله: «و الدية، لأنها لا تثبت إلا صلحا».
الثانية: أن يسري القطع إلى عضو آخر، كما إذا قطع الإصبع فتأكّل باقي اليد ثمَّ اندمل، فلا قصاص في الإصبع و لا دية، و تجب دية الكفّ خارجا منه الإصبع، لأنه عفا عن موجب الجناية الحاصلة في الحال، فيقتصر أثره عليه.
و لبعض [3] العامّة وجه بعدم وجوب الدية أيضا، لأنه إذا أسقط الضمان بالعفو صارت الجناية غير مضمونة، كما إذا قطع يد مرتدّ فأسلم ثمَّ سرى.
الثالثة: أن يسري القطع إلى النفس، فيثبت القصاص فيها عندنا بعد ردّ دية ما عفا عنه، كما لو عفا أحد الأولياء. و قد تقدّم [4]. و لأن المعفوّ عنه قصاص
[1] الحاوي الكبير 12: 200، حلية العلماء 7: 509، روضة الطالبين 7: 108.
[2] الحاوي الكبير 12: 200، حلية العلماء 7: 509، روضة الطالبين 7: 108.