اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 14 صفحة : 469
[الثالثة: من باع الخمر مستحلّا يستتاب، فإن تاب و إلّا قتل]
الثالثة: من باع الخمر مستحلّا (1) يستتاب، فإن تاب و إلّا قتل. و إن لم يكن مستحلّا عزّر. و ما سواه لا يقتل و إن لم يتب، بل يؤدّب.
و الأصحّ ما اختاره المصنف (رحمه اللّه) و المتأخّرون [1]- و منهم ابن إدريس [2]- من كونه مرتدّا، فينقسم إلى الفطريّ و الملّي كغيره من المرتدّين، لأن تحريم الخمر ممّا قد علم ضرورة من دين الإسلام، و كلّ ما كان كذلك فمستحلّه كافر، و هو يستلزم المدّعى.
هذا إذا لم يمكن الشبهة في حقّه، لقرب عهده بالإسلام و نحوه، و إلا اتّجه قول الشيخين. و عليه تحمل استتابة [3] قدامة بن مظعون و غيره ممّن استحلّها في صدر الإسلام بالتأويل.
هذا حكم الخمر. و أما غيره من المسكرات و الأشربة- كالفقّاع- فلا يقتل مستحلّها مطلقا، و إن وجب حدّه، لوقوع الخلاف فيها بين المسلمين، و تحليل بعضهم إيّاها، فيكون ذلك كافيا في انتفاء الكفر باستحلالها.
و لا فرق بين كون الشارب لها ممّن يعتقد إباحتها- كالحنفيّ- و غيره، فيحدّ عليها و لا يكفّر، لأن الكفر مختصّ بما وقع عليه الإجماع و ثبت حكمه ضرورة من دين الإسلام، و هو منتف في غير الخمر.
قوله: «من باع الخمر مستحلّا. إلخ».
(1) بيع الخمر ليس حكمه كشربه، فإن الشرب هو المعلوم تحريمه من دين الإسلام كما ذكر، و أمّا مجرّد البيع فليس تحريمه معلوما ضرورة، و قد تقع فيه