اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 14 صفحة : 230
..........
الظنّ الغالب المقارب للعلم.
و المصنف- (رحمه اللّه)- تردّد في ذلك، من حيث إن ذلك على خلاف الأصل، فإثباته يحتاج إلى دليل صالح يخرجه عنه، و مجرّد ما ذكروه غير كاف في إثباته، و لإمكان العلم بكثير من هذه الأشياء كما أشرنا إليه.
و الحقّ أنّا إن اعتبرنا العلم لم ينحصر الحكم في المذكورات، و إن اكتفينا بالظنّ الغالب فللتوقّف [فيه] [1] مجال، إلا أن يفرض زيادة الظنّ على ما يحصل منه بقول الشاهدين، بحيث يمكن استفادته من مفهوم الموافقة بالنسبة إلى الشاهدين الذي هو حجّة منصوصة، فيمكن إلحاقه حينئذ به.
و بالغ الشيخ في المبسوط [2] فقال: يكفي أن يسمع من عدلين فصاعدا، فيصير بسماعه منهما شاهد أصل و متحمّلا للشهادة، لأن ثمرة الاستفاضة هو الظنّ و هو حاصل بهما.
و استضعفه المصنف- (رحمه اللّه)- بأن الظنّ يحصل بالواحد، و الشيخ لا يقول بالاكتفاء به، بل ربما حصل الظنّ بالواحد إذا كان أنثى، و هو باطل قطعا.
و أجيب [3]: بأن الشيخ لم يعتبر الظنّ مطلقا، بل الظنّ الذي ثبت اعتباره شرعا و هو شهادة العدلين، و الظنّ يقبل الشدّة و الضعف، فلا يلزم من الاكتفاء بفرد قويّ منه الاكتفاء بالضعيف.
و فيه: أن الظنّ المستند إلى جماعة غير عدول ممّا لم يثبت اعتباره شرعا، فإنه عين المتنازع، فاكتفاؤه به و تعديته الحكم إلى العدلين يدلّ على عدم تقييده بالظنّ المعتبر شرعا، فالنقض بحاله.