و قد قسّم المصنف- (رحمه اللّه)- و غيره [2] من الفقهاء المشهود به على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما يكفي فيه الإبصار، و هو الأفعال، كالزنا و الشرب، و الغصب و الإتلاف و السرقة، و القتل، و الولادة و الرضاع، و الاصطياد و الإحياء، و كون المال في يد الشخص، فيشترط فيها الرؤية المتعلّقة بها و بفاعلها، و لا يجوز بناء الشهادة فيها على السماع من الغير.
و تقبل فيها شهادة الأصمّ، إذ لا مدخل للسمع فيها، و لعموم الأدلّة المتناولة له.
و ذهب الشيخ في النهاية [3] و تلميذه القاضي [4] إلى أنه يؤخذ بأول قوله، و لا يؤخذ بثانيه، استنادا إلى رواية جميل قال: «سألت أبا عبد اللّه (عليه السلام) عن شهادة الأصمّ في القتل، قال: يؤخذ بأول قوله، و لا يؤخذ بثانيه» [5].
و أجيب بضعف سند الرواية، فإن في طريقها سهل بن زياد. و بالقول بالموجب، فإن قوله الثاني إن كان منافيا للأول ردّت شهادته، لأنه رجوع عمّا شهد به أولا، فلا يقبل، و إن لم يكن منافيا لم يكن ثانيا، بل شهادة أخرى مستأنفة.