اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 14 صفحة : 215
..........
تعالى فيه حقّ و إن كان مشتركا، كحدّ القذف، و الوقف على منتشرين، و العتق و الوقف على معيّن إن قلنا بانتقال الملك إلى اللّه تعالى. و تسمّى الشهادة على هذا القسم على وجه المبادرة شهادة الحسبة.
فالمبادر في القسم الأول لا تقبل شهادته. و في الخبر أنه (صلّى اللّه عليه و آله) قال في معرض الذمّ: «ثمَّ يجيء قوم يعطون الشهادة قبل أن يسألوها» [1].
و في لفظ آخر: «ثمَّ يفشوا الكذب حتّى يشهد الرجل قبل أن يستشهد» [2]. و روي أنه (صلّى اللّه عليه و آله) قال: «خير الشهداء الذي يأتي بالشهادة قبل أن يسألها» [3].
فجمع بين الحديثين بحمل الأول على الأول، و الثاني على الثاني.
و المصنف- (رحمه اللّه)- تردّد في عدم المنع في القسم الثاني. و وجه التردّد من عموم الأدلّة الدالّة على الردّ، و تطرّق التهمة، و من ثبوت الفرق الموجب لاختصاص الحكم بالأول، لأن هذه الحقوق لا مدّعي لها، فلو لم يشرع فيها التبرّع لتعطّلت، و هو غير جائز. و لأنه نوع من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، و هو واجب، و أداء الواجب لا يعدّ تبرّعا. و هذا هو الأقوى.
إذا تقرّر ذلك، فالتبرّع بالشهادة في موضع المنع ليس جرحا [4] عندنا حتّى لا تقبل شهادته في غير تلك الواقعة، لأن الحرص المذكور ليس بمعصية، فتسمع شهادته في غيرها و إن لم يتب عمّا وقع و لا استبرئ من ذلك مدّة، و إنما الردّ