اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 14 صفحة : 195
..........
و لا يخفى عليك ضعف هذه الحجّة، فإن قول الحقّ و ردّه عن الباطل و تخليص ذمّته من الحقّ عين المعروف، كما ينبّه عليه قوله (صلّى اللّه عليه و آله):
«انصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقيل: يا رسول اللّه كيف أنصره ظالما؟ قال: تردّه عن ظلمه، فذلك نصرك إيّاه» [1]. و لأن إطلاق النهي عن عصيان الوالد يستلزم وجوب طاعته عند أمره له بارتكاب الفواحش و ترك الواجبات، و هو معلوم البطلان.
و أما دعوى الإجماع على وجه يتحقّق بها الحجّة فممنوعة، و قد خالف في ذلك المرتضى [2]- رضي اللّه عنه-، و كثير من المتقدّمين كابن الجنيد و ابن أبي عقيل لم يتعرّضوا للحكم بنفي و لا إثبات.
و يدلّ على القبول مع الأصل عموم قوله تعالى كُونُوا قَوّٰامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدٰاءَ لِلّٰهِ وَ لَوْ عَلىٰ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوٰالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ[3]. و قوله تعالى وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ[4].
و رواية داود بن الحصين أنه سمع الصادق (عليه السلام) يقول: «أقيموا الشهادة على الوالدين و الولد» [5].
و رواية عليّ بن سويد الشامي عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: «كتب أبي
[1] صحيح البخاري 9: 28- 29، مسند أحمد 3: 99، سنن البيهقي 6: 94.
[2] راجع الانتصار: 244، و لكن ظاهره ذلك، حيث نسب عدم القبول إلى بعض الأصحاب.