اسم الکتاب : مسالك الأفهام إلى تنقيح شرائع الإسلام المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 13 صفحة : 97
..........
قلنا: بل الآية عامّة، و ليس مقتضاها توريث البعيد و القريب، بل التوريث من الوالدين و الأقربين، و لفظ الأقرب يمنع الأبعد، بل يمنع القريب مع وجود الأقرب، و لا أحد أقرب إلى الأبوين من الأولاد. و إذا كان الأصل فيها العموم لم يكف الحكم بتوريث بعض النساء و إلا لجاز مثله في الرجال. و يؤيّد عمومها في توريث النساء أنها نزلت ردّا على الجاهليّة حيث كانوا لا يورّثونهنّ شيئا، كما رواه جابر [1] عن زيد بن ثابت، و بدون عمومها لا يتمّ الردّ [عليهم] [2].
الثاني: قوله تعالى وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُهٰاجِرِينَ[3]. و الاستدلال بها من وجهين:
أحدهما: أنه تعالى حكم بأولويّة بعض الأرحام ببعض، و أراد به الأقرب فالأقرب قطعا بموافقة الخصم، لأنهم يقولون [4] إن العصبة الأقرب يمنع الأبعد، و يقولون [5] في الوارث بآية أولي الأرحام إن الأقرب منهم يمنع الأبعد، و لا شبهة في أن البنت أقرب إلى الميّت من الأخ و أولاده، و الأخت أقرب من العمّ و أولاده، لأن البنت تتقرّب إلى الميّت بنفسها و الأخ إنما يتقرّب إليه بالأب، و الأخت تتقرّب إليه بواسطة الأب و العمّ يتقرّب إليه بواسطة الجدّ، فهي بواسطة و هو بواسطتين و أولاده بوسائط.
[1] لم نجده بهذا السند في تفاسير العامّة و الخاصّة، و لعلّه سهو من قلمه الشريف «(قدّس سرّه)». نعم روي ذلك عن ابن زيد و ابن عبّاس و غيرهما، انظر تفسير الطبري 4: 176، التبيان 3: 120، مجمع البيان 3: 22، الدرّ المنثور 2: 438، ذيل الآية 7 من سورة النساء.