و إن أطعمه المالك و لم يصرّح بالإباحة، ففيه وجهان أصحّهما أنه لا عوض عليه، و يحمل على المسامحة المعتادة في الطعام سيّما في حقّ المضطرّ.
و لو اختلفا فقال المطعم: أطعمتك بعوض، و قال المضطرّ: بلا عوض، ففي تصديق المطعم لأنه أعرف بكيفيّة ما بذله، أو المضطرّ لأصالة براءة ذمّته، وجهان.
و لو افتقر المضطرّ إلى وجود الطعام في فمه، فوجره المالك و هو مغمى عليه بنيّة العوض، ففي استحقاقه العوض وجهان. و أولى بالاستحقاق هنا، لأنه خلّصه من الهلاك، فكان كالعفو عن القصاص إلى الدية، و لما فيه من التحريض على تدارك المضطرّين. و وجه العدم: أن المضطرّ لم يطلب و لا تناول [2]، فكان المالك متبرّعا. و الأقوى الأول.
و كما يجب بذل المال لإبقاء الآدمي، يجب بذله لإبقاء البهيمة المحترمة و إن كانت ملكا للغير، و لا يجب البذل للحربي و الكلب العقور. و لو كان للإنسان كلب غير عقور جائع و شاة فعليه إطعام الشاة.
و لو كان صاحب الطعام غائبا أكل منه وجوبا، و غرم قيمة ما أكل إن كان قيميّا و مثله إن كان مثليّا، سواء قدر على العوض أم لا، لأن الذمم تقوم مقام الأعيان.