وأحل ثم ذكر أنه
سعى ستة أشواط فقال لي : « يحفظ أنه قد سعى ستة أشواط فإن كان يحفظ أنه قد سعى ستة
أشواط فليعد وليتم شوطا وليرق دما » فقلت : دم ما ذا؟ فقال : « بقرة » ، قال : «
وإن لم يكن حفظ أنه سعى ستة أشواط فليبتدئ السعي حتى يكمل سبعة أشواط ثم ليرق دم
بقرة » [١] وفي الروايتين مخالفة للقواعد الشرعية من وجوب الكفارة على
الناسي في غير الصيد ، ووجوب البقرة في تقليم الأظفار مع أن الواجب بمجموعها شاة ،
ووجوبها في الجماع مطلقا مع أن الواجب به مع العلم بدنة ولا شيء مع النسيان ،
ومساواة القلم للجماع والحال أنهما مفترقان في الحكم في غير هذه المسألة ، ولأجل
هذه المخالفات حملهما بعض الأصحاب على الاستحباب ، وبعضهم [٢] تلقاهما بالقبول
ولم يلتفت إلى هذه المخالفات ، فإن العقل لا يأباها بعد ورود النص بها.
قال الشارح :
ويمكن توجيه هذه الأخبار بأن الناسي وإن كان معذورا لكن هناك قد قصّر حيث لم يلحظ
النقص ، فإن من قطع السعي على ستة أشواط يكون قد ختم بالصفا وهو واضح الفساد فلم
يعذر بخلاف الناسي غيره فإنه معذور ، لكن يبقى أن المصنف فرض المسألة فيمن فعل ذلك
قبل إتمام السعي من غير تقييد بالستة فيشتمل ما لو قطع في المروة على خمسة وهو محل
العذر [٣]. هذا كلامه ـ رحمهالله ـ وما ذكره من التوجيه جيد بالنظر إلى الخبرين المتضمنين
للحكمين ، إذ به يرتفع بعض المخالفات ، لكن قد عرفت أن الرواية الأولى ضعيفة ،
والرواية الثانية إنما تدل على وجوب البقرة بالقلم قبل إكمال السعي إذا قطعه على
ستة أشواط في عمرة التمتع فيمكن القول بوجوبها أخذا بظاهر الأمر ، ويمكن حملها على
الاستحباب كما اختاره
[١] التهذيب ٥ : ١٥٣
ـ ٥٠٤ ، الوسائل ٩ : ٥٢٩ أبواب السعي ب ١٤ ح ١.