وذكر الشارح ـ قدسسره ـ أن الاجتزاء
بالمبيت إنما يتم إذا كان قد نوى الوقوف ليلا ، وإلا كان كتارك الوقوف [١]. وهو مشكل ، لأن
الوقوف لغير المضطر وما في معناه إنما يقع نهارا فكيف تتحقق نيته ليلا.
واعلم أنه يستفاد
من قول المصنف رحمهالله : إذا كان قد وقف بعرفات ، أن الوقوف بالمشعر ليلا ليس
اختياريا محضا وإلا لأجزأ وإن لم يقف بعرفة إذا كان الترك على غير وجه العمد.
قال الشارح قدسسره : وعلى ما
اخترناه من إجزاء اضطراري المشعر وحده يجزي هنا بطريق أولى ، لأن الوقوف الليلي
بالمشعر فيه شائبة الاختياري ، للاكتفاء به للمرأة اختيارا ، وللمضطر ، وللمتعمد
مطلقا مع جبره بشاة ، والاضطراري المحض ليس كذلك [٢].
ويمكن المناقشة
فيه بأن الاجتزاء باضطراري المشعر إنما يثبت بقوله عليهالسلام في صحيحة جميل بن دراج : « من أدرك المشعر الحرام يوم
النحر قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج » [٣]. ونحو ذلك ، ولا يلزم من ذلك الاجتزاء بالوقوف الليلي
مطلقا. ورواية مسمع [٤] المتضمنة للاجتزاء بالوقوف الليلي لا تدل على العموم ، إذ
المتبادر منها تعلق الحكم بمن أدرك عرفة.
نعم قوله عليهالسلام : « من أدرك جمعا
فقد أدرك الحج » عام فيمكن الاستدلال بعمومه على موضع النزاع ، إلا أن المتبادر من
الإدراك تحققه في آخر الوقت ، لا قبله أو في أوله ، والمسألة من أصلها قوية
الإشكال ، والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.