وليس في هاتين
الروايتين تصريح باشتراط الضرورة في جواز الإحرام من الجحفة ، بل ربما ظهر منهما
الجواز اختيارا كما هو المنقول عن ظاهر الجعفي [٢] ، ويدل عليه أيضا صحيحة معاوية بن عمار : أنه سأل أبا عبد
الله عليهالسلام عن رجل من أهل المدينة أحرم من الجحفة فقال : « لا بأس » [٣].
وصحيحة عليّ بن
جعفر ، عن أخيه موسى عليهالسلام قال : سألته عن إحرام أهل الكوفة وأهل خراسان وما يليهم
وأهل الشام ومصر من أين هو؟ قال : « أما أهل الكوفة وخراسان وما يليهم فمن العقيق
، وأهل المدينة من ذي الحليفة والجحفة ، وأهل الشام ومصر من الجحفة ، وأهل اليمن
من يلملم ، وأهل السند من البصرة » يعني من ميقات أهل البصرة [٤].
وكيف كان فينبغي
القطع بصحة الإحرام من الجحفة وإن حصل الإثم بتأخيره عن ذي الحليفة. وإنما يتوقف
التأخير على الضرورة على القول به مع مروره على ذي الحليفة ، فلو عدل ابتداء عن
ذلك الطريق أجزأ وكان الإحرام من الجحفة اختياريا.
ولا ينافي ذلك ما
رواه الشيخ ، عن إبراهيم بن عبد الحميد ، عن أبي الحسن موسى عليهالسلام قال : سألته عن
قوم قدموا المدينة فخافوا كثرة البرد وكثرة الأيام ـ يعني الإحرام من الشجرة ـ فأرادوا
أن يأخذوا منها إلى ذات عرق فيحرموا منها قال : « لا ـ وهو مغضب ـ من دخل المدينة
فليس له أن يحرم إلاّ من المدينة » [٥] لأنا نجيب أولا بالطعن في السند بأن راويها وهو إبراهيم بن
[١] التهذيب ٥ : ٥٧
ـ ١٧٧ ، الوسائل ٨ : ٢٢٩ أبواب المواقيت ب ٦ ح ٣.