بل يستحب تقديم
الظهر في أول الوقت كغيره من الأيام.
قوله
: ( ولو حضر الجمعة بعد ذلك لم تجب عليه ).
أي : ولو صلح لأن
يكون مخاطبا بها بعد فعل الظهر ، كما لو أعتق العبد أو حضر المسافر أو بريء
المريض أو زال العرج لم تجب عليه الجمعة ، لسقوط التكليف عنه بفعل الظهر ، وامتناع
وجوب الفرضين ، واستثني من ذلك الصبي إذا صلى الظهر ثم بلغ في وقت الجمعة ، فإنها
تجب عليه كما تجب عليه إعادة الظهر في غير يوم الجمعة لو كان قد صلاها أولا ،
لتعلق الخطاب به بعد البلوغ.
قوله
: ( الثالثة ، إذا زالت الشمس لم يجز
السفر لتعين الجمعة ).
أجمع علماؤنا
وأكثر العامة [١] على أنه لا يجوز لمن وجبت عليه الجمعة إنشاء السفر بعد
الزوال قبل أن يصليها ، حكى ذلك العلامة في التذكرة والمنتهى [٢] ، واستدل عليه في
التذكرة بقوله عليهالسلام : « من سافر من دار إقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة
لا يصحب في سفره ولا يعان على حاجته » [٣] والوعيد لا يترتب على المباح ، وبأن ذمته مشغولة بالفرض
والسفر مستلزم للإخلال به ، فلا يكون سائغا ، ومبنى هذا الاستدلال على أن الأمر
بالشيء يستلزم النهي عن ضده الخاص ، وقد تقدم الكلام فيه مرارا.
ويتوجه عليه أيضا
أنه على هذا التقدير يلزم من تحريم السفر عدم تحريمه وكل ما أدّى وجوده إلى عدمه
فهو باطل ، أما الملازمة فلأنه لا مقتضي لتحريم السفر إلا استلزامه لفوات الجمعة
كما هو المفروض ، ومتى حرم السفر لم تسقط
[١] منهم الشافعي في
الأم ١ : ١٨٩ ، وابنا قدامة في المغني والشرح الكبير ٢ : ١٦١ ، ٢١٧ ، والغمراوي في
السراج الوهاج : ٨٤.