وإطلاق النص وكلام
الأصحاب يقتضي أنه لا فرق في المؤذن بين كونه مؤذّن مصر أو مسجد أو منفردا. وجزم
الشارح ـ قدسسره ـ باختصاص الحكم بمؤذّن الجماعة والمصر ، ومنع من الاجتزاء بسماع أذان
المنفرد بأذانه وهو ما عدا مؤذّن الجماعة والمصر ، وحمل قول المصنف : « وإن كان
منفردا » على أنّ المراد بالمنفرد : المنفرد بصلاته لا بأذانه [١] ، وهو بعيد جدا.
وهنا مباحث :
الأول : الظاهر
أنه لا فرق في هذا الحكم بين الإمام والمنفرد وإن كان المفروض في عبارات الأصحاب
اجتزاء الإمام ، لأنه إذا ثبت اجتزاء الإمام بسماع الأذان فالمنفرد أولى.
الثاني : يستفاد
من الروايتين الأوّلتين الاجتزاء بالإقامة أيضا مع السماع ، لكن مقتضى رواية أبي
مريم اشترط ذلك بعدم الكلام بعد سماع الإقامة. وهو حسن ، لأن الكلام من المقيم بعد
الإقامة مقتض لإعادتها. وهذه الإقامة أضعف حكما فبطلانها بالكلام بعدها أولى.
الثالث : هل يستحب
تكرار الأذان والإقامة للسامع؟ يحتمل ذلك خصوصا مع اتساع الوقت ، تمسكا بعموم ما
دل على مشروعية الأذان ورجحانه ، وربما كان في صحيحة ابن سنان المتقدمة دلالة على
ذلك ، حيث قال فيها : « إذا أذّن مؤذّن فنقص الأذان وأنت تريد أن تصلّي بأذانه » [٢] فإن مقتضاه
التخيير بين اجتزاء السامع به مع إتيانه بالمتروك ، وبين عدم اعتداده به وأذانه
لنفسه ، وكيف كان فيجب أن يستثنى من ذلك : المؤذّن للجماعة ، والمقيم لهم ، فإنه
لا يستحب معه الأذان والإقامة لهم قطعا ، لإطباق المسلمين كافة على تركه ، ولو كان
مستحبا لما أطبقوا على الإعراض عنه.
الرابع : قال
الشيخ في المبسوط : إذا أذّن في مسجد جماعة دفعة لصلاة