جعل دخول المساجد
غاية لإزالة النجاسة ، وعطفه على الصلاة والطواف يقتضي عدم الفرق بين النجاسة
المتعدية الى المسجد وغيرها. وقريب منه قوله في أحكام المساجد : ولا يجوز إدخال
النجاسة إليها ، فإنه شامل للجميع. وبذلك جزم العلامة ـ رحمهالله ـ في أكثر كتبه
حتى قال في التذكرة : لو كان معه خاتم نجس وصلى في المسجد لم تصح صلاته [١]. واستدلوا على
ذلك بقوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا
يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ )[٢] رتب النهي على النجاسة فيكون تقريبها حراما ، ومتى ثبت
التحريم في المسجد الحرام ثبت في غيره ، إذ لا قائل بالفرق. وقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « جنبوا
مساجدكم النجاسة » [٣].
ويتوجه على الأول
: أنّ النجس لغة : المستقذر كما بيناه [٤] ، والواجب الحمل عليه إلى أن تثبت الحقيقة الشرعية ، ولم
يثبت كون المعنى المصطلح عليه عند الفقهاء حقيقة شرعية. سلمنا الثبوت لكن النهي
إنما ترتب على نجاسة المشرك خاصة ، فإلحاق غيرها بها يحتاج إلى الدليل وهو منتف
هنا. سلمنا ذلك لكن النهي إنما تعلق بقرب المسجد الحرام خاصة ، وعدم الظفر بالقائل
بالفرق بينه وبين غيره لا يدل على العدم فيحتمل الفرق.
وعلى الثاني :
الطعن في الرواية بعدم الوقوف على السند ، والمراسيل لا تنهض حجة في إثبات حكم
مخالف للأصل. وأيضا فإن مجانبة النجاسة المساجد تتحقق بعدم تعدّيها إليها ، فيحصل
به الامتثال ، ولا يلزم من ذلك تحريم إدخالها مع عدم التعدي. ومن ثم