ذلك نجاسة المشرك
خاصة وهو أخص من المدعى ، إذ من المعلوم أنّ من أفراد الكافر ما ليس بمشرك قطعا
فلا يصلح لإثبات الحكم على وجه العموم.
وأما الثاني فلأن
الرجس لغة يجيء لمعان ، منها : القذر ، والعمل المؤدي إلى العذاب ، والشك ،
والعقاب ، والغضب [١]. والظاهر أن إطلاقه عليها على سبيل الاشتراك اللفظي ،
فيكون مجملا محتاجا في تعيين المراد منه إلى القرينة ، على أن المتبادر من سوق
الآية إرادة الغضب والعذاب ، كما ذكره أكثر المفسرين [٢].
وقوله : إن الرجس اسم لما يكره فهو يقع على موارده بالتواطؤ فيحمل
على الجميع عملا بالإطلاق غير جيد ، أما أولا : فلأن إطلاق اسم الرجس على ما يكره
لم يذكره أحد ممن وصل إلينا كلامه من أهل اللغة ، ولا نقله ناقل من أهل التفسير
فلا يمكن التعلق به.
وأما ثانيا : فلأن
إطلاقه على ما يكره لا يقتضي وجوب حمله على جميع موارده التي يقع عليها اللفظ
بطريق التواطؤ ، لانتفاء ما يدل على العموم.
وأما اليهود
والنصارى فقد ذهب الأكثر إلى نجاستهم ، بل ادعى عليه المرتضى [٣] ، وابن إدريس [٤] الإجماع. ونقل عن
ابن الجنيد ، وابن أبي عقيل القول بعدم نجاسة أسآرهم [٥]. وحكى المصنف في
المعتبر عن المفيد ـ رحمه الله تعالى ـ في المسائل الغرية القول بالكراهة ، وربما ظهر من كلام
الشيخ في موضع من النهاية [٦].
[١] النهاية ( ٢ :
٢٠٠ ) ، ولسان العرب ( ٦ : ٩٤ ). وأقرب الموارد ( ١ : ٣٩١ ).
[٢] كالطبرسي في
مجمع البيان ( ٢ : ٣٦٤ ) ، وأبي حيان الأندلسي في البحر المحيط ( ٤ : ٢١٨ ) ، وأبي
السعود في تفسيره ( ٣ : ١٨٤ ).