والوضوء مندوب فقد
قصد إيقاع الفعل على غير وجهه كلام شعري ، ولو كان له حقيقة لكان الناوي مخطئا في
نيّته ، ولم تكن النية مخرجة للوضوء عن التقرب به [١]. هذا كلامه أعلى
الله مقامه ، وهو في غاية الجودة.
الثالث : اشتراط
نيّة الرفع أو الاستباحة ، واحتج عليه المشترط بقوله تعالى ( يا
أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا )[٢] الآية فإنّ
المفهوم منه كون هذه [٣] الأفعال لأجل
الصلاة ، كما أنّ المفهوم من قولهم : إذا لقيت الأمير فخذ أهبتك ، وإذا لقيت الأسد
فخذ سلاحك. كون الأخذ لأجل لقاء الأمير والأسد.
ويرد عليه أنّ كون
هذه الأفعال لأجل الصلاة لا يقتضي وجوب إحضار النيّة عند فعلها كما في المثالين
المذكورين ، وكما في قولك أعط الحاجب درهما ليأذن لك ، فإنه يكفي إعطاؤه في التوسل
الى الإذن ، ولا يشترط إحضار النية وقت العطية قطعا.
وأورد عليه أيضا
أنه إن تمّ فإنما يدل على وجوب قصد الاستباحة خاصة ، والمدعى وجوب أحدهما لا على
التعيين ، وهو لا يدل عليه.
وأجيب بأنّ وجوب
الاستباحة لكونها أحد الأمرين الواجبين لا يخرجه عن الوجوب ، فإن الواجب المخير
واجب [٤].
وضعف هذا الجواب
ظاهر. ولقد أحسن السيد السعيد جمال الدين بن طاوس ـ رحمهالله ـ في البشرى حيث قال : لم أعرف نقلا متواترا ولا آحادا
يقتضي القصد الى رفع الحدث واستباحة الصلاة ، لكن علمنا يقينا أنه لا بد من نية
القربة ، ولو لا ذلك