وان الانقسام
إلى الخمسة أولى من الثلاثة ـ كما في الشرائع ـ ولا يجعلها أولى كون المقسم هو
العين أو المنفعة اللتان يكتسب بهما ، وأنّ الوجوب والنّدب لم يردا عليهما باعتبار
نفسهما بل باعتبار فعل المكلّف ، كما قال في شرح الشرائع [١] ، لأنّ [٢] المباح والمحرّم والمكروه [٣] أيضا كذلك ، إذ المنقسم إلى الأقسام الخمسة انما هو فعل
المكلّف مطلقا ، لا الواجب والمندوب فقط ، وهو ظاهر ، فإنّ العين بذاتها لا تكون
محرّمة ولا مكروهة ولا مباحة ، بل باعتبار ما تعلّق (يتعلّق خ ل) بها من فعل
المكلّف ، وهو ظاهر.
ففي القسمة
ثلاثا خلل ، بجعل الواجب والنّدب داخلين في المباح بضرب من التجوّز ، كما في جعل
المقسم هو ما يكتسب به [٤].
[١] قال في شرح
الشرائع بعد جعل ما ذكره المصنف من التقسيم إلى الثلاثة أحسن ، ما لفظه : فان مورد
القسمة في الثلاثة ما يكتسب به وهو العين والمنفعة ، وظاهر ان الوجوب والندب لا
يرد عليهما من حيث انهما عين خاصة ومنفعة ، بل بسبب أمر عارض وهو فعل المكلف.
[٣] هكذا في النسخة
المطبوعة ، وفي النسخ المخطوطة التي عندنا هكذا (لأن الإباحة والحرمة والكراهة).
[٤] حاصل الاشكال :
ان جعل القسمة خمسا كما صنعه المصنف هنا اولى من جعلها ثلاثا كما فعله المحقق في
الشرائع وجعله في المسالك أحسن ، لأن المقسم في الانقسام هنا فعل المكلف لا ما
يتعلق به فعله ، وفعل المكلف انما ينقسم الى الخمس لا الثلاث ، نعم يمكن توجيه
كلام المحقق بان يدرج القسمان الباقيان ، وهما الوجوب والندب في المباح مجازا
بإرادة الأعم من المتساوي الطرفين ورجحان الفعل ، فيشمل الوجوب والندب ، لكنه مجاز
لا يصار اليه الا عند الضرورة ولا ضرورة هنا ، فانقسام التجارة إلى الخمسة حقيقة
أولى من انقسامها ثلاثا مجازا ، كما ان انقسامها باعتبار ما يكتسب به مجاز أيضا.
اسم الکتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : المحقق المقدّس الأردبيلي الجزء : 8 صفحة : 9