ويؤيّده عدم
صحّة الأخبار ، وأنّه لو امتنع الكل عن ذلك بطل النّظام ، فتدل تلك على الكراهة ،
بل على أنّ الكراهة بالنّسبة إلى بعض الأفراد والأشخاص.
ولهذا قيل :
المراد من كان ذلك عادته ، لا أن يفعل اتّفاقا وفي بعض الأحوال ، ولعلّ في بعض
الأدلّة إشارة إليه أيضا ، حيث نهى عن جعله صيرفيّا ونخّاسا وجزّارا مثلا ، فإنّها
لا تقال عرفا إلّا على من كان ذلك صنعته وحرفته ، ومع ذلك ينبغي الاجتناب مهما
أمكن ، لعدم التّقييد في بعض الأخبار مثل «شرّ النّاس من باع النّاس» [١].
وأمّا الحجامة
فتدل على عدم كراهة أخذ الأجرة بها أخبار ، وعلى الكراهة أخبار ، حتّى ورد في
مضمرة سماعة ، قال : قال عليه السلام : السحت أنواع كثيرة منها : كسب الحجّام ،
واجرة الزّانية وثمن الخمر [٢] ، وفي صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام : أنّ
رجلا سأل رسول لله صلّى الله عليه وآله عن كسب الحجّام فقال له : لك ناضح؟ فقال :
نعم ، فقال أعلفه إياه ولا تأكله [٣].
وتدلّ على
العدم : رواية حنان بن سدير ، قال : دخلنا على أبي عبد الله عليه السلام ومعنا
فرقد الحجّام ، فقال له : جعلت فداك إني أعمل عملا ، وقد سألت عنه غير واحد ولا
اثنين فزعموا أنّه عمل مكروه ، وأنا أحبّ أن أسألك عنه ، فان كان مكروها انتهيت
عنه وعملت غيره من الأعمال ، فإنّي منته في ذلك إلى قولك ، قال : وما هو؟ قال :
حجّام ، قال : كل من كسبك يا ابن أخي وتصدّق
[١] الوسائل ج ١٢
كتاب التجارة ، الباب (٢١) من أبواب ما يكتسب به ، قطعة من الحديث (١).
[٢] الوسائل ج ١٢
كتاب التجارة ، الباب (٥) من أبواب ما يكتسب به ، الحديث (٢).
[٣] الوسائل ج ١٢
كتاب التجارة ، الباب (٩) من أبواب ، الحديث (٢).
اسم الکتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : المحقق المقدّس الأردبيلي الجزء : 8 صفحة : 13