فائدة الخطبة هو السّماع ، وفيه تأمّل. لأنّ المتبادر في مثله ، أنّ حكمه
حكم الصلاة. أو كالصلاة ، فيكفي كون ثوابه ثوابها. والتأكيد في الوجوب وسائر
الاحكام الّتي معلوم ثبوته فيهما. والتشبيه لا يقتضي الاتّحاد ، لا في النفس ولا
في جميع الاحكام ، بل المساواة أيضا لا تقتضي ذلك ، كما بين في الأصول في مسئلة (لا
يستوي). وهو ظاهر ، وغير ظاهر كون الفائدة ذلك ، مع أنّه يحصل بالاتّفاق ، ومن دون
إيجاب الإصغاء ، فلا يثبت وجوبه ، به. والخفاء في دلالة الدّليل على تحريم الكلام
على المستمعين أكثر.
والظّاهر عدم
وجوب الطّهارة به. والأصل دليل قويّ ، والخروج عنه بمثله مشكل ، مع صحيحة محمد بن
مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال ، إذا خطب الامام يوم الجمعة فلا ينبغي
لأحد أن يتكلّم حتّى يفرغ الامام من خطبته ، فإذا فرغ الامام من الخطبتين تكلّم ما
بينه وبين أن تقام الصلاة ، فإن سمع القراءة أو لم يسمع أجزأه [١] فإنّ (لا ينبغي) أكثر استعماله في المكروه ، بل ظاهر
فيه.
ويدلّ عليه
أيضا ، قوله ، «تكلّم ما بينه وبين أن تقام الصلاة» حيث يكره بعده الكلام أيضا على
ما تقدّم. وأيضا عدم البأس لو لم يسمع القراءة ، يدلّ عليه.
وتدلّ هذه مع
الصحيحة المتقدّمة ، على عدم ثبوت أحكام الصّلاة بينها وبين الصلاة. فلا يثبت
فيهما أحكامها ، بكونهما صلاة ، لبعد عدم أحكامها بعدهما ، وقبل الصلاة ، مع
كونهما صلاة ، لأنّهما بدل ركعتي الظهر. وما نقل عن طرق العامّة «بينما رسول الله
صلى الله عليه (وآله) وسلم يخطب يوم الجمعة إذ قام رجل إليه ، فقال : هلك الكراع ،
هلك الشاة ، فادع الله أن يسقين» [٢] وفي آخر : «ثمّ دخل رجل والرسول يخطب ، فقال يا رسول
الله : هلك الأموال ، فادع الله يرفعها عنّا» [٣]. وفي آخر «إنّ رجلا قام إلى النّبي صلى الله عليه (وآله)
وهو يخطب ، فقال
[١] الوسائل باب (١٤)
من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ، حديث : ١
[٢] صحيح البخاري
كتاب الجمعة باب رفع اليدين في الخطبة.
[٣] صحيح مسلم كتاب
صلاة الاستسقاء (٢) باب الدعاء في الاستسقاء قطعة من حديث : ٨ ولفظ الحديث (قال :
ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ، ورسول الله صلى الله عليه (وآله)
وسلم قائم يخطب ، فاستقبله قائما ، فقال يا رسول الله : هلكت الأموال وانقطعت
السبل فادع الله يمسكها عنا الحديث)
اسم الکتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : المحقق المقدّس الأردبيلي الجزء : 2 صفحة : 384