بل التعزير أيضا بالتوبة قبل ثبوته عند الحاكم المستوفي ، فلا يترتب على
إقراره أو البيّنة بعدها ، اثر ، بل يمكن تعزير المدّعي والمبيّنة أيضا لأنّه
إثبات فسق للتائب.
مع انّ التوبة
مسقطة للذنوب بالإجماع المنقول في مجمع البيان والنصّ كتابا وسنّة ، انّ الله يقبل
التوبة عن عبادة [١] ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له [٢] ، وهو كثير حدا فيسقط عقوبة الدنيا أيضا ، فتأمّل.
اما بعد ثبوته
، فالمشهور انّه ان كان السقوط بالبيّنة لم يسقط ، وعند أبي الصلاح انّه يسقط.
وجه الأول انه
بعد ان ثبت بحكم الشرع موجب الحدّ فلا بد من مسقط شرعيّ أنّ التائب يسقط عنه الحدّ
، وليس بالفرض.
ولعل دليل أبي
الصلاح ما تقدم من ان التوبة مسقطة للعقوبة الأخرويّة فكذا الدنيوية.
وفي الملازمة
بحث.
وامّا بعد
الإقرار فالمشهور انّه مخيّر بين الاسقاط والعفو ، وبين إجرائه قالوا : لأنّ
التوبة بعد الإقرار مسقطة لتحتم أقوى العقوبتين ، وهو الرجم وأقوى الذنبين ، وهو
الزنا ، فاضعفهما ـ وهو الجلد والشرب ـ بالطريق الاولى.
وأجيب بأنّ
توبته موضع التهمة ، وبأنّه قد يكون سقوط الأقوى للمبالغة في حفظ النفس ، وعدم
القتل ، وإهلاك النفوس ، فلا يلزم من سقوط مثله ، سقوط ما ليس كذلك مثل الجلد
والتعزير.
قد يقال : إنّ
الحدود مبني على التخفيف والاحتياط ، ويسقط بأوّل شبهة.