وأما أن ما عدا
ذلك من الجنايات الموجبة للحدود وكلّ حقوق الله تعالى إنما يثبت بالشاهدين ، فلما
عرفت من أن الذي يثبت بالشاهد واليمين ليس إلّا الدين والمال ، وكذا ما ثبت
بالشاهد والمرأتين وما ثبت بالمرأة الواحدة ونحوها فليس إلّا الولادة والاستهلال ،
وما يثبت بشهادة النساء فليس إلّا ما لا يمكن اطّلاع الرجال عليه مثل عيوب النساء
الباطنة والرضاع.
فما عدا ذلك
انما يثبت بالشاهدين كأنه بالإجماع وظاهر (وَاسْتَشْهِدُوا
شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ)[١] ، (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ
عَدْلٍ مِنْكُمْ)[٢] في الجملة.
ولا شكّ أن
الحدود وكل حقّ من حقوق الله ماليّة كانت كالزكاة أو غيرها مثل الشرب والسرقة ،
عدا ذلك.
وكذا مرّ أن
الطلاق ، والخلع ، والوكالة ، والوصيّة إليه ، والنسب ، والأهلّة ، انما تثبت بهما
وأن سبب عدم ثبوت الجرح والتعديل في الشهادة ، والإسلام ، والردّة ، والعدّة إلّا
بالشاهدين فقط ، هو أن ذلك كلّه ، غير ما ذكرناه فلا يثبت إلّا بهما ، وقد مرّ بعض
ما يفيد ذلك وسيجيء فتأمّل.
واعلم أن مراده
بقوله (الأربع) أعمّ من أربعة رجال وثلاثة رجال وامرأتين ، فإنهما في حكم الرجل
الواحد ، فإنه قد مر الثبوت بهما ، فلا بدّ من إدخالهما فيه.