وقد يفرّق بأنه
هناك إنما يشهد بالجرح الموجب للسراية ، فكأنّه يشهد لنفسه ، لأنه كالشهادة بالقتل
الموجب للإرث الشهود ، بخلاف ما هنا ، فإنه يشهد له بماله ، والموت لا يثبت
بشهادته ، فالموجب للإرث ليس بثابت للشهادة ، وهو ظاهر ولكن محلّ التهمة على حاله.
إلّا أن يقال :
عموم أدلّة قبول الشهادة ممّا يجب إعماله ، وكلّ ما ثبت أنه تهمة موجبة للردّ ،
ويردّ ، وما لا فلا ، ولم يثبت كون كلّ تهمة كذلك ، فإن من التهمة ما لا يضرّ كما
مرّ. فلا بدّ من إثبات كون التهمة بخصوصها موجبا للرد ، بالعقل والنقل من النصّ
والإجماع.
فتأمّل ، فإن
كون التهمة موجبا للردّ موجود في النصوص ، مثل الفسوق ، فلا يحتاج إلى النصوص ،
نعم يخرج كلّ ما ثبت أنه ليس ممّا يضرّ ، مثل الأمثلة المتقدّمة.
إلّا أن يقال :
ما ثبت تلك الكليّة لنصّ ولا إجماع ، بل إنما ثبت المهمل والمجمل ، فيمكن ترجيح
قبول الشهادة ، للنصوص الكثيرة من القرآن والأخبار المتواترة ، والإجماع المعلوم ،
ولبعد شهادة الزور من العدل جدّا ، فما لم يثبت كون التهمة ممّا ترد به الشهادة لا
تردّ.
قوله
: «ولو شهدا لرجلين إلخ». لو شهد شاهدان مقبولان بأن زيدا أوصى لهما بكذا فيشهد ذلك الرجلان للشاهدين
، بوصيّة أخرى من تركة زيد قبل شهادة الجميع ، لحصول شرائط قبول الشهادة ، وعدم
المانع من التهمة المتوهّمة ، فإنه قد يتوهّم أن ما شهد الأوّلان لتواطئهما مع
الآخرين انهما شهدا لهما ، هما أيضا يشهدان لهما ، وذلك توهّم باطل ، لبعد العدل ،
بل المسلم عن مثل هذه الخديعة ، فلا يحكم بها إلّا إذا ثبتت.
اسم الکتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : المحقق المقدّس الأردبيلي الجزء : 12 صفحة : 388