بالسلف بل الأئمة عليهم السّلام ـ ، فذلك ليس من ترك المروّة في شيء ، بل
من الطاعات والقربات.
والامتياز
بالقصد ، ويعرف ذلك من أفعال الناس وأعمالهم وأخلاقهم ، مثل أن يكون عادته أن يأكل
ما يجد ، ويلبس كذلك ، ويفعل ما تيسر ، ويجلس كيفما اتّفق ، مثل أن يجلس على الأرض
والتراب ويأكل عليها من غير فرش وسفرة ، ويجلس جلسة العبيد ويأكل أكلهم كما نقل من
فعله صلّى الله عليه وآله [١] ، وقوله في جواب من سأل عن ذلك : (ويحك من أولي منّي
بالعبودية حتى لا أفعل أنا ، فعل العبيد ولا أجلس جلستهم ولا آكل أكلهم) [٢].
وبالجملة لا
شكّ أن المروة أمر حسن ، وتركه غير مستحسن ، أما قدحه في قبول الشهادة ، فما نجد
على ذلك دليلا ، إلّا أن يؤول إلى ما ذكرنا وظنّ الكذب أو الغلط في الشهادة مثل أن
ورد : (ولا تقبل شهادة من يسأل الناس بكفّه).
مثل صحيحة عليّ
بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه السلام ، قال : سألته عن السائل الذي يسأل بكفّه هل
تقبل شهادته؟ فقال : كان أبي لا يقبل شهادته إذا سأل في كفه [٣].
وموثّقة محمّد
بن مسلم ـ لابن فضّال [٤] ـ عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : ردّ رسول الله صلّى
الله عليه وآله شهادة السائل الذي يسأل في كفه ، قال أبو جعفر عليه السلام : لأنه
لا يؤمن على الشهادة ، وذلك لأنه إن أعطى رضي ، وإن منع
[١] راجع الوسائل باب
٦٨ حديث ١ من أبواب آداب المائدة ، ج ١٦ ص ٥٩٩.
[٢] لم نعثر الى الآن
على هذه الجملة في كتب الحديث فتتبع.
[٣] الوسائل باب ٣٥
حديث ١ من كتاب الشهادات ، ج ١٨ ص ٢٨١.
[٤] سندها كما في
الكافي هكذا : عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن ابن فضّال ، عن
حماد بن عثمان ، عن حريز ، عن محمّد بن مسلم.
اسم الکتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : المحقق المقدّس الأردبيلي الجزء : 12 صفحة : 314