حيث قال ـ في [١] استدلال المصنّف على فسقهم بقوله تعالى «إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ
بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا»[٢] ، وبقوله تعالى «وَلا تَرْكَنُوا
إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا»[٣] ـ : فيه نظر ، لأن الفسق إنما يتحقق بفعل المعصية
المخصوصة مع العلم بكونها معصية ، أما مع عدمه ، بل مع اعتقاد أنها طاعة ، بل من
أهمّ (مهمات ـ لك) الطاعات ، فلا ، والأمر في المخالف للحقّ في الاعتقاد كذلك ،
لأنه لا يعتقد المعصية بل يزعم (زعم ـ لك) أن اعتقاده من أهم الطاعات سواء كان
اعتقاده صدر (صادرا ـ لك) عن نظر أم تقليد ، ومع ذلك لا يتحقق الظلم أيضا ، وإنما
يتفق ذلك لمن (من ـ لك) يعاند الحقّ مع علمه وهذا لا يكاد يتّفق وإن توهّمه من لا
علم له بالحال [٤].
وأنت تعلم فساد
هذا الكلام مع قطع النظر عمّا ذكرناه فإنه واضح لا يحتاج إلى التنبيه ، فإنه
يستلزم عدم فسق كل من اعتقد أن ما يفعله ليس بحرام ، فلا يكون فاسقا بقتل الأنبياء
والأئمة عليهم السلام ، والشرب ، والزنا ، وأنواع المعاصي ، بل عدم عصيان الكفّار
، وهو ظاهر.
هذا مع قطع
النظر عن كفر الأوّلين ، وأن متابعة الكفّار في الدين فسق ، فيلزم كونهم معذورين
مع ذلك وعداوتهم مع الله ورسوله وأهل بيته.
وبالجملة مفاسد
هذا القول كثيرة جدّا ، وقد بالغ في ذلك وقال ـ بعد هذا الكلام ـ :
[١] عبارة شرح
الشرائع (المسالك) هكذا : واستدلّ المصنّف عليه بأن غيره فاسق وظالم من حيث
اعتقاده الفاسد الذي هو من أكبر الكبائر وقد قال تعالى «إِنْ
جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا» ،
وقال «وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ
ظَلَمُوا» ، فيه نظر إلخ مع اختلاف يسير غير قادح.