والجواب أنه
حكم بدليل ومن علم ، فإنه قد ثبت كون قول الحاكم حجة ومقبولا ، وأن ردّه ردّ على
الله ، فيكون كل ما ثبت أنه حكم ، يكون مقبولا وحجة ولا شكّ في ثبوته بالشهود ،
وبالمشافهة ، فإنه عدل يخبر عن فعله ، فيقبل وبالجملة ينبغي المدار على الثبوت ،
وعدم النزاع في القبول بعده ، فتأمّل.
قوله
: «ولو كان الخصم إلخ». ما تقدّم كان في الخصم الغائب ، وهذا فيما إذا كان الخصم
حاضرا. ولو كان الخصم الذي هو الغريم حاضرا ـ لا غائبا وسمع الشاهدان الدعوى
وإنكاره ، وسمعا شهادة شاهدي الأصل ، وسمعا حكم الحاكم على الخصم بما ادّعي عليه ،
وأشهدهما الحاكم على حكمه ذلك ، وثبت ذلك عند الحاكم الثاني بالشاهدين أنفذه. أي
يجب على الحاكم الثاني ، إجراء ذلك الحكم ، والعمل بمقتضاه ، ولا يستأنف الخصومة ،
ولا يحكم بصحته في نفس الأمر. إذ قد لا يكون كذلك ، لاحتمال كذب الدعوى والشهود.
وهكذا كلّ
الأحكام ، إلّا أن يريد من الصحة في نفس الأمر ، مجرد العمل بالمقتضى ، لا مطابقته
لما في نفس الأمر ، فإن ذلك لا يعتبر في حاكم حتى النبيّ والأئمة صلوات الله
عليهم.
ولهذا روي عن
النبي صلّى الله عليه وآله وسلم : (إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان ، وبعضكم
ألحن بحجته من بعض ، فأيما رجل له من مال أخيه شيئا فإنما قطعت له قطعة النار)[١].
وهو ظاهر ،
ولكن اشتراط هذه الشرائط كلها غير ظاهر ، ويمكن فهمه ممّا
[١] الوسائل كتاب
القضاء باب ٢ من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى حديث ١ ج ١٨ ص.
اسم الکتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : المحقق المقدّس الأردبيلي الجزء : 12 صفحة : 215