اسم الکتاب : مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : المحقق المقدّس الأردبيلي الجزء : 1 صفحة : 9
التمدينى السّريع ، وتعقّد العلاقات الاجتماعيّة ، كلّ هذا وغيره سبّب حدوث
مشكلات ومسائل جديدة تحتاج الى حلّ إسلامي ، وليس في ظاهر الكتاب ما يشير الى
حلّها ، ولا في السنّة الموجودة بأيدي المسلمين ما يكفيهم لحلّها.
وهنا كانت
الصّعوبة ، وكان لا بدّ في تذليلها من العثور على ما يملأ فراغ النّصوص التشريعيّة
، وكان لا بدّ أن يكون الحلّ إسلاميّا أيضا ليكون منسجما مع شمول الشّريعة
الإسلاميّة وكمالها الّذي لا ريب فيه ، فإنّ ملأ الفراغ التشريعي بما لا يمتّ إلى
الإسلام بصلة ، معناه الاعتراف بنقص الشريعة ، مع ان شمول الشريعة وكمالها من أوضح
ما اتفقت فيه كلمة المسلمين قاطبة.
وكان الاجتهاد
هو الاطروحة المشتملة على كلتا الخصلتين ـ في رأي كثير من فقهاء المسلمين منهم أبو
حنيفة وتلميذه أبو يوسف ، ومحمّد بن الحسن الشّيباني ـ فهي من جهة تملأ الفراغ
التّشريعي المشار اليه ، ومن جهة أخرى فهي ـ في وجهة نظر أصحابها ـ تستمدّ
مشروعيّتها من الإسلام نفسه.
واطروحة
الاجتهاد تتلخّص ـ في رأي هذه المدرسة ـ في استعمال القياس والاستحسان للوصول إلى
أحكام الشّرع ، ومن وظيفة المجتهد أن يرجع في أخذ الحكم الشّرعي إلى الكتاب
والسّنّة أولا ، فإن وجد فيهما ما يفي بمقصوده والّا قال في المسئلة بما يقتضيه
رأيه مستعينا في ذلك بالقياس والاستحسان.
أمّا فقهاء
مذهب أهل البيت عليهم السلام فقد شجبوا [١] هذه الطّريقة شجبا صارما تبعا لأئمتهم عليهم السلام
واعتبروا اتّخاذ هذا الأسلوب في التّشريع إدخالا لغير الإسلام فيه ، ورأوا أنّ
اللّجإ الى هذه الطّريقة اعتراف بنقص الشّريعة وعدم وفائها بما يحتاجه النّاس ،
وأنّ نسبة هذه الطريقة إلى الإسلام غير مؤيّدة بدليل ، مع أنّها اتّهام له
بالتّناقض ، فإنّ ادّعائه الشّمول والكمال من جهة ، مع تشريعه لطريقة الاجتهاد
الّتي ليست إلّا اعترافا. بالنّقص في التشريع من جهة أخرى جمع بين متناقضين ،
ورسالة الله أسمى من ان تصاب بشيء من ذلك.