جاءت رسالة
الإسلام وهي تحمل إلى البشريّة آخر اطروحة جادت بها ، يد السّماء على سكّان هذه
الأرض ، بعد فترة طويلة من الانقطاع دامت قرونا من الزّمن.
هبطت رسالة
الله على الأرض يحملها أعظم انسان عرفته السّماء ، فبشّر بدعوته في مجتمع لم
يتنفّس نسمة من الحياة ، ولم يكن له بالحضارة والتّربية الإنسانيّة عهد قريب ولا
بعيد ، ولم يمتّ الى المفاهيم السّامية والخلق الرّفيع بصلة في حاضره ولا ماضيه
القريب ، فبدأ جهادا شاقا عسيرا متواصلا دائبا ، لا يعرف فتورا ولا كللا ، ولا
وهنا ولا مللا ، حتّى نظّف الجزيرة العربيّة من جراثيم الشّرك ، وغسل قلوب
الجاهلين الجفاة من ركام [١] الضّغائن والأحقاد ، وطهّر عقولهم من أدران الخرافات
والأوهام ، وَوَضَعَ عَنهُم (إِصْرَهُمْ
وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ) ، [٢] وجعل منهم (خَيْرَ أُمَّةٍ
أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ) يأمرونَ بالمَعروفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَر. [٣]
[١] الركام بالضّم
الرّمل المتراكم وكذلك السحاب وما أشبهه (مجمع)