اسم الکتاب : كتاب المكاسب (للشيخ الأنصاري) ط تراث الشيخ الأعظم المؤلف : الشيخ مرتضى الأنصاري الجزء : 3 صفحة : 246
لي، فلمّا صرت إلى قرب قنطرة الكوفة خُبّرت أنّ صاحبي توجّه إلى النيل [1]، فتوجّهت نحو النيل، فلمّا أتيت النيل خُبّرت أنّه توجّه إلى بغداد، فأتبعته فظفرت به و فرغت فيما بيني و بينه، و رجعت إلى الكوفة، و كان ذهابي و مجيئي خمسة عشر يوماً، فأخبرت صاحب البغل بعذري، و أردت أن أتحلّل منه فيما صنعت و أُرضيه، فبذلت له خمسة عشر درهماً فأبى أن يقبل، فتراضينا بأبي حنيفة، و أخبرته بالقصّة و أخبره الرجل، فقال لي: ما صنعت بالبغل؟ فقلت: قد رجعته سليماً. قال: نعم، بعد خمسة عشر يوماً! قال: فما تريد من الرجل؟ قال: أُريد كرى بغلي فقد حبسه عليّ خمسة عشر يوماً. فقال: إنّي ما أرى لك حقّا؛ لأنّه اكتراه إلى قصر بني هبيرة فخالف فركبه إلى النيل و إلى بغداد، فضمن قيمة البغل و سقط الكرى، فلمّا ردّ البغل سليماً و قبضته لم يلزمه الكرى. قال: فخرجنا من عنده و جعل صاحب البغل يسترجع، فرحمته ممّا أفتى به أبو حنيفة، و أعطيته شيئاً و تحلّلت منه، و حججت تلك السنة فأخبرت أبا عبد اللّه (عليه السلام) بما أفتى به أبو حنيفة، فقال: في مثل هذا القضاء و شبهه تحبس السماء ماءَها و تمنع الأرض بركتها. قال: فقلت لأبي عبد اللّه (عليه السلام): فما ترى أنت؟ قال: أرى له عليك مثل كرى البغل ذاهباً من الكوفة إلى النيل و مثل كرى البغل من النيل إلى بغداد، و مثل كرى البغل من بغداد إلى الكوفة، و توفّيه إيّاه. قال: قلت: جُعلت فداك، قد علفته بدراهم، فلي عليه علفه؟ قال: لا؛ لأنّك غاصب. فقلت: أ رأيت لو عطب البغل أو أنفق، أ ليس كان يلزمني؟