responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : قضاء الاشتياني المؤلف : الآشتياني، الميرزا محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 73

الاخبار عن امر اجتهادي حدسي من حيث اختلاف المذاهب فيما يوجب الفسق ولا دليل لنا يدل على وجوب صديق العادل في هذا النحو من الاخبار.

توضيح ذلك ان العادل إذا أخبر عن شئ إما أن يخبر عنه عن حس وهذا مما دلت الادلة الدالة على حجية خبر العادل على وجوب تصديقه في ذلك وجعل ما خبر به كالواقع وهذا مما لا إشكال فيه وإما أن يخبر عنه عن حدس واجتهاد ورأي وهذا على قسمين احدهما أن يكون ما أخبر عنه نفس الحكم الشرعي كالاخبار عن الحرمة والوجوب وغيرهما من لاحكام كأخبار المجتهد عما أدى إليه رأيه في الاحكام الشرعية وهذا مما قام الاجماع على عدم وجوب تصديق العادل فيه إلا في حق من كان مقلدا له ومن هذا القسم الشهادة على وقوع الرضاع لمحرم فإنه لا يجوز تصديق الشاهد فيه لاحد إلا من كان يقلده لو كان مجتهدا ثانيهما أن يكون ما أخبر به الموضوع الذي تعلق به الحكم الشرعي ولكن كان طريق ثبوته مختلفا فيه بحسب اعتقاد لمجتهدين كما فيما نحن فيه وهذا هو محل الكلام الذي ذهب المشهور فيه إلى عدم وجوب التصديق.

فنقول تنقيحا للمقام وتوضيحا للمرام ان معنى وجوب تصديق العادل في قضية هو جعله صادقا في اصل نسبة المحمول إلى الموضوع وجعل اخباره عن وقوع النسبة بين الموضوع والمحمول بمنزلة لواقع كما لو علمنا بوقوع النسبة فإذا أخبر عن موت زيد نصدقه في نسبة ما أراد من الموت إلى ما أراد من لفظ زيد ونحكم بما أراد من لفظ موت محمول على ما أراد من لفظ زيد واقعا وأما تصديقه ي أطراف القضية وان الذي أراد من لفظ يد أو الموت مثلا هو كذلك واقعا فلا يدل عليه ما دل على وجوب تصديقه في قضية مات زيد لان معنى تصديقه في تلك القضية حسبما عرفت هو الحكم بكون ا أراد من لفظ المحمول واعتقد ثابتا لما أراد من لفظ الموضوع وهذا ليس من جهة كون الاعتقاد له مدخلا في وضع اللفظ كما توهم ولا من جهة كون المخبر إنما يخبر عن معتقده بأن يكون الاعتقاد زء للمخبر به كما توهم لما قد حققنا في محله من كون الالفاظ أسامي للمعاني النفس الامرية وكون الاعتقاد بالنسبة إليها طريقا محضا وظرفا للنسبة ومرآتا لها من غير أن يكون له مدخل في أصل طراف - القضية بل لما قد عرفت من عدم دلالة ما دل على تصديق العادل على أزيد من ذلك بل لو حمل لفظ الموضوع والمحمول على خلاف ما أراد منهما لكان تكذيبا له وافتراء عليه لا تصديقا مثلا ذا أخبر عادل بأنه قتل زيد وعلمنا بأن مراده من القتل الضرب فلا يجوز لنا حمله على القتل بمعنى ازهاق الروح لانه ليس من مقتضى ما دل على تصديق العادل في شئ بل هو خلاف مقتضاه.

وإن أريد إثبات وجوب تصديقه في اطراف القضية من جهة انحلالها إلى قضاياء متعددة وأخبار متكثرة إن الاخبار عن موت زيد يلزمه الاخبار عن الموت وعن زيد فيلاحظ أدلة التصديق بالنسبة إلى القضايا لموجودة فيها بالالتزام لا من جهة ما دل على تصديق المخبر عن وقوع النسبة في القضية فإذا يلزم حمل ما أراده من اللفظ على الواقع وترتيب آثار الواقع عليه.

ففيه ان الدليل على وجوب تصديقه في ذلك لا يخلو إما أن يكون ما دل على نفي احتمال الكذب الواقع عن العادل وجعل ما أخبر به بمنزلة لواقع وإما أن يكون ما دل على وجوب حمل كلام كل متكلم على معناه - الحقيقي ما لم يثبت خلافه.

أما الاول فقد عرفت أنه لا دليل يدل على وجوب تصديق العادل ونفي احتمال الكذب عنه في اخباره الحدسية والاجتهادية لما قد عرفت من أن مفاد أدلة وجوب تصديق العادل هو نفي الكذب عنه من [74] حيث تعمده فيه وأما نفيه من جهة خطئه واجتهاده فلم يدل عليه ما دل على نفي احتمال الكذب عنه فإن كان هناك ما يدل على نفي هذا الاحتمال عنه نأخذ بخبره كما في الحسيات فإن بناء العقلاء لى عدم الاعتناء باحتمال الخطأ والاشتباه فيها من حيث ملاحظة قلة وقوع الخطأ فيها وإن لم يكن هناك ما ينفي هذا الاحتمال كما في الحدسيات حيث ان بناء العقلاء على عدم التمسك فيها بأصالة عدم لخطأ والاشتباه فلا نأخذ به.

وأما الثاني فمن المعلوم ان من استعمل لفظا في معنى باعتقاده كونه هو الموضوع له أو مصداقه وإن علم بخطئه في هذا الاعتقاد لم يكن هذا الاستعمال استعمالا مجازيا حتى دفع بأصالة الحقيقة وأصالة عدم القرينة فإنه إذا استعمل أحد لفظ زيد في عمر وبإعتقاد كونه هو الموضوع له لم يكن هذا الاستعمال مجازيا فيه (منه خ) فإنه إنما استعمل اللفظ فيما وضع له غاية لامر انه اخطأ في كون هذا هو ومن المعلوم ان هذا لا يوجب تجوزا في اللفظ بل قد ذكرنا في الاصول ان استعمال اللفظ في الحقيقة الادعائية مع القطع بكونها غير الموضوع له حقيقة فضلا عن لحقيقة الاعتقادية وهذا أمر واضح لا سترة فيه بعد التأمل في الاستعمالات.

فإن قلت لو كان البناء على وجوب التفسير في المقام وأشباهه ولم يقبل الشهادة إلا مفصلة من حيث رجوعها إلى الاخبار ن الحدس والاجتهاد فلا يجوز قبولها إلا مع ذكر المستند حتى يعلم الموافقة فيعمل بها لوجب التفسير في ثير من الموارد كما في الشهادة على الملكية والزوجية والنجاسة وأشباهها حيث انها أيضا مما اختلف المذاهب في اسبابها وموجباتها ومن المعلوم لكل جاهل فضلا عن عالم انه لم يقل أحد بوجوب التفسير يها بل بنائهم على سماع الشهادة فيها مطلقة فكيشف هذا كله عن ان ما دل على وجوب تصديق العادل لا يفرق فيه بين ما إذا أخبر عن حس أو حدس فيدل على وجوب حمل اخبار العادل عن هذه لاشياء على ما هو كذلك في الواقع حتى يثمر في حق غيره أيضا.

قلت أما مسألة الملكية والزوجية وأمثالهما فليس بنائهم على قبول الشهادة فيها مطلقة من جهة مجرد الامر بتصديق العادل حتى ستكشف منه كون أدلة تصديق العادل عامة من حيث اخباره عن الحس والحدس بل إنما هو بانضمام أصالة الصحة في تلك الامور وهذا خارج عن محل الفرض فإن كلامنا فيما إذا لم يكن هناك أصل حرز الواقع به ومعلوم ان أصالة الصحة في الامور المذكورة من الاصول التي يحرز بها الصحة الواقعية حتى عند الحامل حسبما هو عليه بناء المشهور المنصور خلافا لبعض المتأخرين حيث انه هب إلى أن غاية ما دل على اعتبار أصالة الصحة هي الصحة عند الفاعل لا عند الحامل فبأصالة الصحة في المشهور يحرز الحاكم كون السبب الواقع في الخارج كالبيع والنكاح هو السبب الواقعي تى عنده أو كون المسبب وهي الملكية مثلا هو المسبب الواقعي الذي يكون جميع الناس مأمورا بترتيب الاثر عليه فيصير حال هذا الاصل في المقام حال أصالة عدم الخطأ الجارية في الاخبار عن لمحسوسات والحاصل ان كلامنا في المقام في أنه هل يجوز التمسك بما دل على وجوب تصديق العادل لوجوب تصديقه في الحدسيات والاجتهاديات ونفي احتمال الكذب عن خبره بها أم لا وهذا لا خل له بما لو كان هناك أصل موضوعي تعبدي أمرنا بالاخذ به.

ومما ذكرنا تعرف فساد ما ذكره جمع من الاعلام دليلا للقول بكفاية الاطلاق في الجرح من وجوب حمل أخبار العادل على الواقع وإن ان رأيه مخالفا لرأي الحامل ما لم يعلم الاستناد إليه وإلا لوجب القول بعدم كفاية الاطلاق واشتراط التفصيل في كثير من الموارد كما في الملكية والزوجية ونحوهما مما اختلف لاصحاب في أسبابها مع ن بناء المشهور بل الكل على عدم وجوب التفسير فيها فهذا يدل على أن ما دل على وجوب تصديق

اسم الکتاب : قضاء الاشتياني المؤلف : الآشتياني، الميرزا محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 73
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست