لأنّها لا تبالي من النجس فتستفاد الكليّة
من هذه العلّة بأنّ كلّ مورد يكون معرضا لتوارد النجس أو ملاقاته يكره مباشرته و
التوضّؤ منه و يستحبّ اجتنابه و لكن استفادة العلية منها مشكلة
المبحث الثالث في الطهارة المائيّة.
و هي الوضوء و الغسل و في الوضوء فصلان.
الفصل الأوّل في الأحداث الموجبة للوضوء و الأحداث جمع الحدث و هو
بحسب اللغة مطلق ما يحدث بعد ما لم يكن موجودا و في عرف الفقهاء الأشياء الستّة
الناقضة للوضوء و قد يطلق على نفس هذه الأشياء و قد يطلق على الحالة الحاصلة
للإنسان بعد صدور هذه الأشياء منه.
و كيف كان فهل يكون التقابل بين الطهارة و الحدث من تقابل العدم و
الملكة بأن تكون الطهارة أمرا عدميّا و لكن من شأنه الوجود و الحدث أمرا وجوديا أو
بالعكس أو من تقابل التضاد بأن كان كلاهما وجودييّن و تظهر الثمرة في الموارد
النادرة كما في الإنسان المخلوق السّاعة الذي لم يتحقّق منه حدث فان قلنا: انّ
التقابل بينهما من تقابل العدم و الملكة و قلنا بأنّ الطهارة أمر عدمي فلا بدّ لنا
من أن نقول: انّ الحدث مانع للصلاة لأنّه على هذا لا يمكننا أن نقول: انّ الطهارة
شرط للصّلوة لأنّه أمر عدمي فح يصحّ من هذا الإنسان الإتيان بالصلاة من دون طهارة
لأنّه لم يتحقّق منه الحدث المانع للصّلوة و لكن إذا قلنا بأنّ التقابل بينهما من
تقابل التضاد فلا يكفى عدم صدور الحدث منه بل لا بدّ له من الطهارة المائيّة لأنّ
الطهارة ح شرط للصلاة كما أنّ الحدث مانع لها.
و يستفاد من الأخبار أنّ الطهارة أمر وجوديّ لأنّه يظهر من غير واحد
منها أنّه أطلق على الأحداث الموجبة للوضوء- الناقض فيعلم أنّ الطهارة قابلة لنقض
شيء لها فلا بدّ من كونها أمرا وجوديّا حتّى يصحّ نقض شيء لها فإنّ الأمر العدمي
لا ينقض بشيء لأنّه عدم محض.
و يعلم ايضا منها أنّ الأحداث من الأمور الوجوديّة فإنّ الأمر العدمي
لا يمكن أن يكون ناقضا كما لا يخفى فح يكون التقابل بين الطهارة و الحدث من تقابل
التضاد لا تقابل العدم و الملكة.