غيره إذا شرب على أنه يهودي قال: نعم قلت:
فمن ذلك الماء الذي يشرب منه قال نعم[1].
و منها صحيحة إبراهيم بن محمود قال: قلت للرضا عليه السلام الجارية
النصرانية تخدمك و أنت تعلم أنها نصرانية لا تتوضأ و لا تغتسل من جنابة قال: لا
بأس تغسل يديها[2].
و منها صحيحته الأخرى قال: قلت للرضا عليه السلام: الخياط أو القصار
يكون يهوديا أو نصرانيا و أنت تعلم أنه يبول و لا يتوضأ ما تقول في عمله قال: لا
بأس[3] الى غير
ذلك من الأخبار الدالة بظاهرها على طهارة أهل الكتاب.
و لكن هذه الروايات- مع كثرتها و وجود الصحيح و الموثق فيها- لم يعمل
الأصحاب بها و أعرضوا عنها مع أنها كانت بمرأى منهم و مسمع الا ما نقل عن ابن
الجنيد من حكمه بطهارتهم و لكن لا يعبأ الأصحاب بخلافه لأنّ أكثر أقواله موافق
للعامّة لعمله بالقياس.
و أما ابن ابى عقيل القائل بطهارة سؤر الذمي فيمكن أن يكون لأجل قوله
بعدم انفعال الماء القليل كما هو مذهبه فلم يعلم مخالفته لما ذهب إليه الأصحاب و
قد عرفت عدم العلم بمخالفة المفيد القائل بكراهة سؤر الذمي لاحتمال أن يراد منها
الحرمة مع عدم نسبة تلامذته هذا القول- أعني طهارة أهل الكتاب- اليه مع أنهم أعرف
بمذهبه فح لا خلاف بين الأصحاب في نجاستهم الا من ابن الجنيد من القدماء و قد عرفت
عدم اعتناء الأصحاب بمخالفته.
نعم قد وافقه بعض المتأخرين كالسبزواري و الفيض القاساني على ذلك
لكنهما حيث كانا من المتأخّرين مع أن لهما أقوالا شاذة كحلية الغناء و طهارة الخمر
و عدم وجوب الخمس فيما زاد على المؤنة في زمان الغيبة- فلا اعتداد بمخالفتهما فإذا
انعقد الإجماع على نجاستهم فلا بد من تأويل هذه الروايات و حملها على بعض المحامل
و إن كانت المحامل بعيدة أو نحملها على التقية لموافقتها لمذهب العامة و اللّه
العالم.
ثم انه لا فرق في الكافر بين المنكر للألوهية أو المنكر للرسالة و
بين من أنكر ضروريا
[1] لم أظفر بها في مظانها نعم أوردها الهمداني في
طهارته صفحة 560