مفهوم (لا ينجسه شئ) (ينجسه شئ) أو (ليس لا ينجسه شئ) وهو القضية الجزئية، وكذا إذا أخذ مثل العنوان في المنطوق في الجملة الاستثنائية، وأما مع عدم أخذ العنوان فلا محيص عن الالتزام بأن المفهوم كلي كما في المقام، فمفهوم قوله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) هو ثبوت جواز القرب للجميع، فكأنه قال: اقربوا بالتي هي أحسن. يقال: إن الاستثناء هو اخراج ما دخل في المستثنى منه بالارادة الاستعمالية، فيعلم أن الجد يغاير الاستعمال، فألفاظ المستثنى منه استعملت في معانيها الواقعية، ولولا الاستثناء لحكمنا بأن ما أريد في الاستعمال موافق للجد، فبالاستثناء نكشف أن الجد يخالفه، فالاستثناء تقطيع عن الحكم السابق بمقدار المستثنى، لا حكم مقابل للمستثنى منه ابتداء، وانما لازم هذا الاخراج والتقطيع ثبوت حكم مقابل للمستثنى منه في الجملة. فقوله: (أكرم العلماء إلا الفساق منهم) لا يثبت بمفاده الاولي حكما مخالفا للمستثنى منه: هو حرمة الاكرام أو جوازه أو غيرهما، بل يخرج الفساق عن وجوبه، فلا يدل إلا على نفيه، وإن كان لازم ذلك بعد عدم خلو الواقعة عن حكم ثبوت حكم مغاير للوجوب من غير تعيين واحد من الاحكام. ففي قوله تعالى: (ولا تقربوا مال اليتيم) الخ انما يقطع الاستثناء حرمة التقرب بالوجه الصالح أو الاصلح، فيكون مفاده الاولي ليس لا تقربوا عند الاحسن، وهذا أعم من نفي العموم، ليكون مفهومه قضية جزئية أو عموم النفي، ليكون قضية كلية، فلا يمكن إلا إثبات الجزئية، لكونها قدرا متيقنا، هذا مقتضى الصناعة في الاستثناء مع الحفظ على قاعدة الاستثناء وأنه إخراج لما دخل في الاستعمال.