اسم الکتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 361
لا ، وإطلاق اسم الجاري عليه إمّا حقيقة عرفيّة ، أو تغليب لبعض أفراده على
الجميع.
وأمّا الجاري
غير النابع فهو من أقسام الواقف ، وسيأتي.
(ولا ينجس) الجاري (إلا بتغيّر) أحد أوصافه الثلاثة (لونه أو طعمه أو ريحه) لا مطلق الصفات ، كالحرارة ونحوها (بالنجاسة) متعلّق بالمصدر ، وهو «تغيّر».
ويستفاد من
الاستثناء من المنفي ، المقتضي لحصر الحكم في المثبت : أنّه لو تغيّر في أحد
أوصافه بالمتنجّس لا بالنجاسة ، لم ينجس ، كما لو وضع فيه دبس نجس فغيّر طعمه بحيث
لو انفردت النجاسة المنجّسة للدبس عنه ووضعت في الجاري ، لم تُغيّره.
والمراد برائحة
الماء : سلامته من رائحة مكتسبة ، سواء كان له رائحة في أصله أم لا. وكذا القول في
قسيميها.
والمعتبر في
التغيّر بالنجاسة ما كان بواسطة ملاقاتها ، فلا ينجس بالتغيّر الحاصل من المجاورة
ومرور الرائحة على الماء ، كالجيفة الملقاة على جانب الشط فيتغيّر [١] بها.
وهل المعتبر في
التغيّر الحسّيّ أو التقديريّ؟ ظاهر المذهب : الأوّل ، وهو اختيار الشهيد [٢]رحمهالله. واختار المصنّف [٣] الثاني. فلو وقعت نجاسة مسلوبة الصفات في الجاري
والكثير ، فهو باقٍ على طهارته على الأوّل ؛ لدوران النجاسة مع تغيّر أحد الأوصاف
الثلاثة ، والتغيّر حقيقةً هو الحسّيّ ولم يحصل. والمصنّف يُقدّرها على أوصاف
مخالفة كالحكومة في الحُرّ ، فإن كان الماء يتغيّر بها على ذلك التقدير ، حكم
بنجاسته ، وإلا فهو باقٍ على طهارته.
واحتجّ على ذلك
: بأنّ التغيّر الذي هو مناط النجاسة دائر مع الأوصاف ، فإذا فقدت ، وجب تقديرها ،
وهو عين المتنازع. واحتجّ له : بأنّ عدم وجوب التقدير يفضي إلى جواز الاستعمال وإن
زادت النجاسة على الماء أضعافاً ، وهو كالمعلوم البطلان.
وضعفه ظاهر ؛
فإنّه مجرّد استبعاد.
ولا ريب أنّ
مختار المصنّف أحوط إن لم يتوقّف عليه عبادة مشروطة بالطهارة أو بإزالة النجاسة ،
وإلا لم يتمّ الاحتياط ، وعليه يمكن تقدير المخالفة على وجه أشدّ ، كحدّة الخَلّ ،