اسم الکتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 308
الميّت. قال إن كان غُسّل فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه ، وإن كان لم يغسّل
الميّت فاغسل ما أصاب ثوبك. [١]
وهذان الخبران
دلله على نجاسة الميّت مطلقاً من غير تقييد بالبرد ، فمدّعي التقييد يحتاج إلى
دليل عليه. ودلا أيضاً على أنّ نجاسة الميّت تتعدّى مع رطوبته ويبوسته ؛ للحكم بها
من غير استفصال ، وقد تقرّر في الأُصول أنّ ترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام
الاحتمال يدلّ على العموم في المقال ، وإلا لزم الإغراء بالجهل.
ويندرج في
قبليّة التطهير بالغسل المُيمّمُ ولو عن بعض الغسلات ، ومَنْ فُقد في غسله
الخليطان أو أحدهما ؛ فإنّ الأصحّ وجوب الغسل بمسّ كلّ واحد منهم ومُغَسّل الكافر
ومَنْ تعذّر تغسيله ، لكن يندرج في العبارة الشهيدُ ، فإنّه لم يطهر بالغسل ، بل هو
طاهر في نفسه ، ولا يجب بمسّه غسل ، فكان عليه أن ينبّه على حكمه.
وظاهر العبارة
أنّ وجوب الغسل بالمسّ مغيّا بكمال الغسل ؛ لعدم صدق اسمه عليه قبل إكماله ، فيجب
الغسل بمسّ عضو كمل غسله قبل كمال غسل الجميع ، ولصدق اسم الميّت الذي لم يغسّل
عليه قبل كماله.
ورجّح المصنّف [٢] في غير هذا
الكتاب والشهيد [٣] وجماعة [٤] عدم وجوب الغسل بمسّ عضو كمل غسله ؛ لأنّ الظاهر أنّ
وجوب الغسل تابع لمسّه نجساً ؛ للدوران ، وقد حكم بطهارة العضو المفروض ، ونجاسة
الميّت وإن لم تكن عينيّةً محضة إلا أنّها عينيّة ببعض الوجوه ، فإنّها تتعدّى مع
الرطوبة. وأيضاً فقد صدق كمال الغسل بالإضافة إلى ذلك العضو. ولأصالة البراءة من
وجوب الغسل.
وفيه نظر ؛
لأنّ الحكم لا يتمّ إلا مع جَعل نجاسته عينيّةً محضة ، أمّا الحكميّة فلا دليل على
تبعّضها ، بل الأصل كون هذا الغسل كغسل الأحداث ، فيكون مجموع الغسل هو السبب
التامّ في رفع النجاسة الحكميّة ، ولهذا وجبت النيّة في غسله.
نعم ، لو
جعلناها عينيّةً محضة كما هب إليه المحقّق [٥] فلا إشكال في عدم الوجوب.