اسم الکتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 25
المبتدأ وأحد بدلاً ، وحينئذٍ فلا يلزم من تساويهما في المعنى انتفاء كونه
جزئيّاً حقيقيّا.
و «الرحمن
الرحيم» اسمان بُنيا للمبالغة من «رحم» بتنزيله منزلة اللازم ، أو بجَعْله لازماً
ونقله إلى فَعُل بالضمّ.
و «الرحمة»
لغةً : رقّة القلب وانعطاف يقتضي الإحسان ، فالتفضّل غايتها ، وأسماؤه تعالى ،
المأخوذة من نحو ذلك إنّما تؤخذ باعتبار الغاية دون المبدأ ، فالرحمة في حقّه
تعالى معناها إرادة الإحسان ، فتكون صفةَ ذات ، أو الإحسان ، فتكون صفةَ فعل ، فهي
إمّا مجاز مرسل في الإحسان أو في إرادته ، وإمّا استعارة تمثيليّة بأن مَثّلت
حالَه تعالى بحالة مَلِك عَطَفَ على رعيّته ورقّ لهم ، فغمرهم معروفُه ، فأُطلق
عليه الاسم وأُريد به غايته التي هي فعل لا مبدؤه الذي هو انفعال.
و «الرحمن»
أبلغ من «الرحيم» لأنّ زيادة المباني تدلّ على زيادة المعاني ، كما في «قطع» و «قطّع»
و «كبار» و «كبّار».
ونُقض بـ «حَذِر»
فإنّه أبلغ من «حاذر».
وأُجيب : بأنّ
ذلك أكثريّ لا كلّيّ ، وبأنّه لا تنافي أن يقع في الأنقص زيادة معنى بسببٍ آخر ،
كالإلحاق بالأُمور الجبلّيّة كـ «شَرِه» و «نَهم» وبأنّ الكلام فيما إذا كان
المتماثلان في الاشتقاق متّحدَي النوع في المعنى ، كـ «غَرِث» و «غَرثان» و «صَدٍ»
«صَديان» لا كـ «حَذِر» و «حاذر» للاختلاف.
وإنّما قدّم
والقياس يقتضي الترقّي من الأدنى إلى الأعلى ، كقولهم : «عالِم نحرير» و «جواد
فيّاض ؛ لأنّه صار كالعَلَم من حيث إنّه لا يوصف به غيره ، أو أنّه صفة في الأصل
لكنّه صار عَلَماً بالغلبة ، كما اختاره جماعة من المحقّقين.
قال ابن هشام :
وممّا يُوضّح أنّه غير صفة : مجيئهُ كثيراً غير تابع ، نحو : (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ)[١](قُلِ ادْعُوا اللهَ
أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ)[٢](وَإِذا قِيلَ لَهُمُ
اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ)[٣][٤]. انتهى.