اسم الکتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 218
الوضوء والغسل والتيمّم كما لا يخفى. وغاية ما ذكروه أن يكون ثابتاً في
اللغة ، والحقائق الشرعيّة مقدّمة على اللغويّة والعرفيّة ، فقراءة التخفيف وإن
صلحت لهما لغةً لكنّها محمولة شرعاً على الحالة الحاصلة لهنّ بعد فعل الطهارة
الشرعيّة ، وقراءة التشديد كالصريحة فيها.
الثاني : حمل
قراءة التشديد على التخفيف استناداً إلى الشواهد المذكورة مع ما هو معلوم من
القواعد العربيّة من أنّ كثرة المباني تدلّ على كثرة المعاني ، وهذا هو الكثير
الشائع.
وما وقع من
اتّفاقهما نادراً لا يوجب المصير إليه وترك الأكثري ، مع أنّ أكثر الشواهد ليست
مطابقةً ؛ فإنّ باب «تفعّل» الجاري عليه كسرت الكوز فتكسّر ونحوه قطعت الحبل
فتقطّع ليس ممّا نحن فيه.
الثالث : أنّ
صدر الآية وهو قوله تعالى (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ
حَتّى يَطْهُرْنَ)[١] إنّما دلّ على تحريم الوطي في وقت الحيض ، ولا يلزم منه
اختصاص التحريم بوقته ؛ إذ لا يلزم من تحريم شيء في وقت أو مكان مخصوص اختصاص
التحريم به ؛ لأنّه أعمّ منه ، ولا دلالة لعامّ على أفراده المعيّنة.
نعم ، ربما دلّ
بمفهوم الوصف على الاختصاص ، وهو ليس بحجّة عند المصنّف [٢] والجماعة فكيف
يحتجّون به!؟
الرابع : قولهم
في جواب الغاية والشرط : إنّه قد تعارض مفهومان ، إلى آخره ، لا يتمّ بعد ما
قرّرناه ، فإنّه لو حمل على الطهارة الشرعيّة أعني الغسل لم يقع تنافٍ أصلاً ،
واستغني عن التكلّف.
ويؤيّده قوله
في آخر الآية (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ
التَّوّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)[٣] فإنّ الموصوف بالمحبّة مَنْ فَعَل الطهارة بالاختيار
حتى يستحقّ المدح والثناء ، وأمّا مَنْ حصل له الطهارة بغير اختياره كانقطاع الدم
، لا يستحقّ لذلك [٤] ؛ الوصفَ بالمحبوبيّة خصوصاً وقد قرنها بالتوبة
[١] صدر الآية قوله
تعالى : فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ.
[٢] مبادئ الوصول :
١٠٠ ؛ نهاية الوصول ، المقصد الرابع : في الأمر والنهي ، الفصل الثالث ، البحث
التاسع.