اسم الکتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 212
(و) هل يجب عليه مع ذلك كفّارة؟ قيل : لا ، بل (تُستحبّ الكفّارة) كما اختاره المصنّف والشيخ في النهاية ، [١] وجماعة [٢] من
المتأخّرين.
والمشهور
خصوصاً بين المتقدّمين كالمفيد والمرتضى وابن بابويه [٣] وغيرهم [٤] الوجوب حتى
ادّعى الشيخ فيه الإجماع. [٥]
ومنشأ القولين
من اختلاف الروايات.
فالأوّل استند
مع أصالة البراءة إلى ما رواه الشيخ في الصحيح عن عيص بن القاسم ، قال : سألت أبا
عبد الله عليهالسلام عن رجل واقع امرأته وهي طامث ، قال لا يلتمس فعل ذلك ،
قد نهى الله أن يقربها قلت : فإن فعل عليه كفّارة؟ قال لا أعلم فيه شيئاً يستغفر
الله تعالى [٦] وهذا الخبر دالّ على عدم الكفّارة بأبلغ وجه ؛ لأنّ ما لا يعلم الإمام
وجوبه لا يكون واجباً ، وإلا لعلمه ؛ لامتناع أن يخفى عليه شيء من الأحكام والحال
أنّه حافظ للشرع ، وإلى غيره من الأخبار الدالّة على عدم الكفّارة صريحاً مع صحّة
سندها.
واستند الثاني
إلى روايات ضعيفة الإسناد ، مختلفة التقدير ، موجبة على تقدير دلالتها على الوجوب
لتأخّر البيان عن وقت الحاجة ، فحملها على الاستحباب أوجَه ، فإنّ اختلاف التقادير
في المستحبّ واقع ، كـ «تصدّقوا بتمرة» و «بشقّ تمرة» و «بصاع» و «بنصف صاع» ولا
ريب أنّ الاحتياط طريق اليقين ببراءة الذمّة.
وعلى تقديري
الوجوب والاستحباب فالكفّارة في الوطي (في أوّله) وهو ثلثه الأوّل على المختار ، كالأوّل لذات الثلاثة (بدينار) أي : مثقال ذهباً خالصاً مضروباً كانت قيمته في زمانهُ عشرة دراهم ، فلا
تجزئ القيمة ولا التبر ؛ لعدم تناول النصّ لهما ، كباقي الكفّارات.
ولو طرأ نقصان
قيمته أو زيادتها على ما كان في عهده صلىاللهعليهوآله كهذا الزمان ، احتمل بقاء حكم القيمة واعتبار الدينار
بالغاً ما بلغ.