اسم الکتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 163
وأُوزر أنا؟
وتلا قوله
تعالى (فَمَنْ كانَ يَرْجُوا
لِقاءَ رَبِّهِ)[١][٢] الآية ، فنهيه عليه السلام كان عن الإعانة مع عدم سبق الاستعانة. وكذا غيره من
الأخبار ، فلا فرق في الكراهة بين تقدّم طلب الإعانة وعدمه ، لكنّ الاستعانة عبارة
الأكثر.
ويمكن أن يقال
في شمولها لمطلق الإعانة : إنّ باب «استفعل» قد يأتي لغير طلب الفعل ، بل للفعل
نفسه كـ «استقرّ» و «استعلى» و «استبان» بمعنى «قرّ» و «علا» و «بان» وك «استيقن»
و «استبان» بمعنى «أيقن» و «أبان» فيحمل كلامهم على ذلك.
وذكر ابن مالك
في التسهيل [٣] أنّها تأتي للاتّخاذ ، كـ «استأجر» ويمكن الحمل عليه
أيضاً.
وذكر جماعة [٤] من المفسّرين
أنّ معنى قوله تعالى (اسْتَوْقَدَ ناراً)[٥] معنى «أوقد» فهو حينئذٍ من هذا الباب.
إن قيل : حمله
على ذلك يوجب اختصاص الكراهة بالمُعين ؛ لأنّه موجد الإعانة ، والتكليف إنّما
يتوجّه إلى الفاعل.
قلنا : لمّا
دلّ النصّ على تعلّق النهي بالمتوضّئ تعيّن صرف الحكم إليه بمعنى أنّه يكره له
طلبها ابتداءً وقبولها إن عُرضت عليه ؛ لأنّ المصدر لا يتحقّق في الخارج هنا
اختياراً إلا مع قبول المتوضّئ وأما المُعين فيمكن دخوله في العبارة أيضاً ؛ لأنّه
موجد الإعانة حقيقةً ، فيتعلّق به الكراهة أيضاً. ولأنّه مُعين على المكروه وقد
قال تعالى (تَعاوَنُوا عَلَى
الْبِرِّ وَالتَّقْوى)[٦] ومثله البيع بعد النداء يوم الجمعة إذا كان أحدهما غير
مخاطب بها.
(ولو أحدث) المغتسل (في أثنائه) أي : أثناء غسل الجنابة ، و «ما» في قوله (بما) نكرة موصوفة ، أي بحدثٍ (يوجب الوضوء ، أعاده) أي : الغسل من رأس على أصحّ الأقوال الثلاثة ؛ لأنّ غسل
الجنابة يرفع أثر الحدث الأكبر والأصغر على تقدير وجوده قبل الغسل ، فهو مؤثّر
تامّ لرفعهما معاً ، فكلّ جزء منه مؤثّر ناقص في رفعهما بمعنى أنّ له صلاحيّة
التأثير ، ولهذا لو أخلّ بلمعة يسيرة من بدنه ، لم يرتفع الحدث أصلاً ؛ لأنّ كمال
التأثير