اسم الکتاب : روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان المؤلف : الشهيد الثاني الجزء : 1 صفحة : 128
(ولو تيقّن) المكلّف (الحدث وشكّ في
الطهارة) كأن تيقّن
أنّه أحدث في الوقت الفلاني وشكّ الآن أنّه هل تطهّر بعد ذلك أم لا (أو تيقّنهما) أي : الحدث والطهارة في وقتٍ معيّن (وشكّ) بعده (في المتأخّر) منهما ، سواء علم أنّه كان قبلهما متطهّراً أم محدثاً ،
أم شكّ في ذلك (أو شكّ في شيء منه) أي : من الوضوء ، كما لو شكّ في الإتيان ببعض أفعاله (وهو على حاله) أي حال الوضوء لم يفرغ منه بعدُ (أعاد) الوضوء في الصورتين الأوّلتين والشيء المشكوك فيه في
الثالثة وما بعده ؛ قضيّةً للترتيب.
ولا يخفى ما في
العبارة من الإجمال والتجوّز في إطلاق العود على الاولى ؛ لعدم العلم بسبقِ طهارةٍ
حتى تصدق الإعادةُ.
أمّا وجوب
الوضوء في الأُولى فظاهر ؛ لأنّ يقين الحدث لا يرفع إلا بيقينِ مثله ، فيعمل الاستصحاب
عمله.
أمّا الثانية :
فليحصّل يقين الطهارة ؛ لاحتمال كون المتأخّر هو الحدث ، ولا إشكال في ذلك مع عدم
علم المكلّف بحاله قبلهما ؛ فإنّ تأخّر كُلّ منهما محتمل على حدّ سواء ، فيتكافأ
الاحتمالان ويتساقطان فتجب الطهارة.
أمّا لو علم
حاله قبلهما بالطهارة أو بالحدث ، فالأمر فيه كذلك عند المصنّف هنا وفي أكثر كتبه [١] والشيخين [٢] وجماعة [٣] ؛ للاحتمال
أيضاً ، فلا يدخل في الصلاة إلا بيقين الطهارة.
واختار المصنّف
رحمهالله في المختلف استصحاب حاله قبلهما ، فإن كان متطهّراً ،
فهو الآن متطهّر ؛ لأنّه تيقّن أنّه نقض تلك الطهارة ثمّ توضّأ ، ولا يمكن أن
يتوضّأ عن حدثٍ مع بقاء تلك الطهارة ، ونقض الطهارة الثانية مشكوك فيه ، فلا يزول
عن اليقين بالشكّ. وإن كان مُحدثاً ، فهو الآن مُحدث ؛ لتيقّنه انتقاله عن الحدث
السابق عليهما إلى طهارة ثمّ نقضها ، والطهارة بعد نقضها مشكوك فيها. [٤]
وهذا القول لا
يتمّ إلا مع تيقّن عدم التجديد وعدم تعقيب حدث لحدث وتساويهما ،
[١] منها : تحرير
الأحكام ١ : ١١ ؛ ومنتهى المطلب ٢ : ١٤١ ؛ ونهاية الإحكام ١ : ٥٩.