لكن ومع هذا قد
يتوقف في رجحانه على الواقف المضطرب وإن حكي عن الشهيد أيضا ترجيح القعود عليه ،
ووافقه عليه في المنظومة حيث أطلق تقديم الجلوس وغيره من الأبدال على ما يفوت به
القرار من القيام ، فقال :
ومن قرارا في
القيام عدما
فللجلوس بالقرار
قدما
ولعله لما عرفت ،
إلا أنه للنظر فيه مجال كما اعترف به في كشف اللثام أيضا ، لإمكان منع إرادة
السكون من القيام المعلق عليه الحكم في النصوص ، أقصى ما يمكن تسليمه إرادة ما لا
يشمل المشي منه ، والاستقرار والطمأنينة واجب آخر غير مراد من لفظ القيام هنا ،
فالتوقف حينئذ في محله ، بل المتجه تقديمه على القعود ، خصوصا بعد ما ورد في بعض
النصوص [١] في السفينة من تقديم القيام فيها مع انحناء الظهر ولو بما
يخرجه عن صدق القيام على القعود ، بل لم يعرف خلاف بين الأصحاب في تقديم كل ما
يقرب إلى القيام من التفحج الفاحش ونحوه على القعود كما سمعته فيما تقدم ، فلقد
بالغ رحمهالله في الجزم بترجيح القعود على مثل ذلك ، كما أنه بالغ الفاضل فيما حكي عنه من
تقديم المشي على الوقوف مستندا الذي قد عرفت وجود القائل بجوازه مع الاختيار ، ولا
ريب في ضعفهما.
ولو لم يكن له
حالة استقرار أصلا فلا ينبغي التأمل في سقوطه ، وأن تكليفه حينئذ كل ما يقرب إلى
المأمور به ، فالوقوف مضطربا مقدم على المشي قطعا ، ثم المشي ثم الركوب ، وربما
احتمل التساوي بين الأخيرين والعكس إن كان الركوب أقر ، ولعل الأول أولى ، وإلى
ذلك كله أشار في المنظومة فقال :
وفي اضطرار يسقط
القرار
والقرب إذ ذاك
هو المدار
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٤ ـ من أبواب القيام ـ الحديث ٥.