وأما احتمال
استثناء خصوص مكة لهذين الخبرين فلم أره لأحد من الأصحاب ، نعم حكي عن ظاهر الصدوق
القول به ، وعن البحار نفي البعد عنه ، لمكان الحرج غالبا ، على أنه على هذا التقدير
فيه أيضا إيماء إلى استثناء الضرورة كما هو واضح ، وقد ظهر من ذلك أيضا أنه وإن
كان المكان لأحد هما ليس له منع الآخر من الصلاة ولو الاضطرارية مع الضيق بناء على
ما عرفته في الغاصب ، هذا.
وعن الروض « ان
المشهور اختصاص الحكم في أصل المسألة بالمكلفين » قلت : لعله لأن الموجود في
النصوص لفظ الرجل والمرأة الذي لا يشمل غير المكلفين ، ولا ينافيه لفظ البنت في
بعضها [١] بعد إمكان حمله على البالغة إن لم يكن الظاهر منه ذلك ، لكن قد يقال إنه يتجه
بالنسبة إلى صلاة كل من الرجل والمرأة بمعنى أنه لا يفسدهما محاذاتهما ولا تقدم
الصبية ، بل ولا يفسد صلاة الصبي محاذاة الصبية أو تقدمها كالعكس ، أما بالنسبة
إلى صلاتهما حال تقدم المرأة على الصبي أو محاذاتها وتقدم الصبية على الرجل
ومحاذاتها فقد يتجه الفساد ، بناء على الشرعية التي من المعلوم كون المراد بها
المشروعة للبالغ ، فكل شرط لصلاة الرجل مثلا هو شرط في صلاة الصبي ، وكل شرط لصلاة
المرأة هو شرط لصلاة الصبية ، فتفسد صلاة الصبي حينئذ بتقدم المرأة ومحاذاتها
كصلاة الرجل ، وصلاة الصبية بتقدمها على الرجل ومحاذاتها له كالامرأة ، ولا ينافي
ذلك كون الرجل والمرأة مورد النصوص ، إذ الشرائط جميعها أو أكثرها كذلك كالحرير
وغيره ، ضرورة عدم إرادة شمول الخطابات للصبيان ، بل المراد في موضوع عبادة الصبي
الجامعة للشرائط عدا البلوغ كما هو معلوم في ذلك ، ولعله إلى هذا أومأ الشهيد بما
في المحكي عن حواشيه من أن الصبي والصبية يقرب حكمهما من الرجل والمرأة ، كما أنه
منه يعلم عدم الحاجة في ثبوت ذلك إلى دعوى شمول لفظ الرجل لغير المكلف لما عن
القاموس
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٥ ـ من أبواب مكان المصلي ـ الحديث ١.