كانت دعوى بلا
شاهد ، بل اتفاقهم ظاهرا في الحكم بالصحة مع الجهل هنا وفي المكان وغيرهما مما
يشهد بخلافها ، إذ ليس الجهل إلا عدم العلم كالنسيان مما رفع المؤاخذة عليه.
وفي الثاني ما في
جامع المقاصد لا نسلم أن التكرار الموجب للتذكار يمنع عروض النسيان ، والوجدان
يشهد بخلافه ، قلت : على أنه يفرض البحث في غير المفرط بسبب الاشتغال بواجب مضيق
أهم منه ، أو بغير ذلك ، بل قد يقال بعدم المؤاخذة له حال النسيان وإن فرط حتى نسي
، لخبر الرفع [١] وللإجماع في جامع المقاصد على عدم الإثم على الناسي ،
والعقاب على التفريط حتى نسي لا يستلزمه بعد تحققه المقتضي لاندراجه في موضوع خبر
الرفع ، كالمضطر باختياره.
وفي الثالث أن
الاستصحاب لا وجه له هنا بعد معلومية كون الفساد للنهي المنتفي في محل البحث ، فلا
حاجة حينئذ إلى الاستناد في قطعه إلى خبر الرفع بمحله على رفع جميع الأحكام التي
منها عدم الإعادة ، لأنه أقرب المجازات ، أو على إرادة إلغاء الفعل الحاصل معه من
الرفع ، فلو ثبت له شيء من الأحكام لم يصدق إلغاؤه كي يناقش في الأول بمنع إرادة
العموم المستلزم زيادة الإضمار ، وفي الثاني بأن صحة الصلاة معه تستلزم ثبوت حكم
له ، فلا يصدق الرفع الكلي ويحتاج في الدفع إلى ما أطنب به في جامع المقاصد من «
أن زيادة الإضمار في اللفظ لا المدلول ، فلو كان أحد اللفظين أشمل وهما في اللفظ
سواء لم يتحقق الزيادة ، بل زيادة الإضمار لازمة له بتقدير بعض الأحكام ، بخلاف
تقدير لفظ « من » دون « بعض » على أن الاقتصار على الأقل إذا كان بمرتبة واحدة ،
فلو اقتضى المقام الأكثر وجب المصير اليه ، وليس المراد رفع جميع الأحكام حتى
المترتبة على النسيان باعتبار كونه عذرا ، بل المراد رفع الأحكام المترتبة على
الفعل إذا وقع عمدا ، فان المعنى والله أعلم اغتفر لأمتي الأمر الممنوع منه إذا
كان
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ٥٦ ـ من أبواب جهاد النفس ـ من كتاب الجهاد.