فيهما مقطوع بعدمه
، خصوصا الثاني الذي فيه « اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك » بل والأول ، إذ التحري
لغة هو تعمد الشيء وطلب الأحرى بالاستعمال في غالب الظن ، ومن هذا وغيره حكي عن
المجلسي في شرح الفقيه الجزم بأن هذه الصحيحة هي صحيحة زرارة السابقة مؤيدا له
بتأييدات كثيرة ، وزادها الأستاذ الأكبر في شرح المفاتيح ، من أرادها فليراجعها ،
على أنه قد يناقش في سند هذه الصحيحة أيضا بأنه رواها في الفقيه مرسلة إلى زرارة
ومحمد ، ولم يذكر طريقه إليهما مجتمعين ، وانما ذكر طريقه الى زرارة خاصة ، والى
محمد بن مسلم كذلك ، والأول صحيح ، والثاني فيه مجهول ومن فيه دغدغة ، ويحتمل أن
يكون طريقه إليهما مجتمعين غير ذلك ، كما أنه قد يناقش في متنها باحتمال إرادة
الاجتهاد منها على معنى أينما توجه مما قوي في ظنه ، فتتحد مع الصحيحة السابقة لا
أنها معارضة لها من حيث دلالتها على نفي الاجتهاد الذي قد عرفت كونه إجماعيا أو
بمنزلته ، بل لعل نحوه يجري في مرسل ابن أبي عمير عن زرارة أيضا على إرادة ما رجح
وقوي في نفسه مما شاء ، لمعلومية أن العاقل لا يشاء إلا لمرجح فيما يشاؤه ، وعلى
تقديره يكفي ذلك موهنا لها ، واحتمال اختصاص المتحير بفاقد الظن أيضا مع العلم
خلاف ظاهر الصحيح المزبور وغيره من ثبوت التحير بمجرد فقد العلم ، بل هو موجب
لإخراج « إذا » عن معنى الشرط وإرادة الوقت خاصة منها ، بل قد يقال أيضا يمكن
تنزيلها على حال الضيق ، ضرورة إمكان العلم بالصلاة إلى جهة القبلة في غيره ، بأن
يأتي بالأربع ، وتنزيله على إرادة نفي العلم التفصيلي يمكن منعه سيما بملاحظة حال
باقي الشرائط من الصلاة بالثوب الطاهر وغيره.
وأما صحيح معاوية
فمع معارضته بما في كثير من النصوص [١] من أن هذه
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١٣ ـ من أبواب القبلة ـ الحديث ١٧ والباب ١٥ الحديث ١٨ و ١٩ و ٢٣.